إشهار كتاب "اللقاءات الحوارية حول الأوراق النقاشية الملكية"

عمّان- برعاية ومشاركة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، أشهر المنتدى في احتفال كبير بالمركز الثقافي الملكي، مساء الثلاثاء 8/9/2015، كتاب "اللقاءات الحوارية حول الأوراق النقاشية الملكية"، الذي ضمّ خلاصات بحثية لسبعة عشر جلسة حوار ونقاش حول محاور هذه الأوراق ومضامينها، عقدها المنتدى في رحابه بمبادرة وتوجيهات من سموه، وبمشاركة مفكرين وسياسيين وأكاديميين وإعلاميين وممثلين عن مختلف قطاعات المجتمع المدني، ناقشوا خلالها مختلف جوانب الرؤية الملكية السامية حول الإصلاح ومستقبل الديمقراطية في الأردن كما عبَّرت عنها الأوراق النقاشية، والتي كان صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين قد طرحها منذ أواخر عام 2012، مساهمةً من جلالته في النقاش الوطني الدائر حول عملية الإصلاح، وتناول فيها المسيرة نحو بناء الديمقراطية المتجددة، وتطوير النظام الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين، والأدوار المنتظرة لنجاح الديمقراطية المتجددة، والطريق نحو التمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة، وتعميق التحول الديمقراطي: الأهداف والمنجزات والأعراف السياسية.

كلمة سمو الأمير الحسن بن طلال

قال سموه، "إن عملية الإصلاح السياسي في الأردن ترافقت مع إصدار الأوراق النقاشية الملكية الخمس، التي تمحورت حول أسس بناء الديمقراطية وتطوير النظام الديمقراطي، وأدوار أطراف المعادلة السياسية، والتمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة، والتي اعتُبرت خريطة  طريق يتلمس من خلالها القائمون على إدارة الدولة طريقهم السَّوي في الإصلاح والتغيير، مضيفاً أن مأسسة منظومة الإصلاح الديمقراطي المنشود يجب أن تستند إلى تفعيل أضلع تكاملية ثلاثة: سياسية- اقتصادية-إجتماعية؛ فضلاً عن المجمتع المدني، إذ تسهم هذه المكونات معاً في تفعيل الإرادة الشعبية الحرة وتنوير العقل المجتمعي.

ونوه إلى أن منتدى الفكر العربي اختار أن ينظم لقاءات فكرية حول أهم الموضوعات التي طرحتها الأوراق وكان القاسم المشترك بينها هو حيوية الحوار، إدراكاً  لأهمية إعمال الفكر والدراسة المعمقة الجادة لمضامين الأوراق النقاشية.

وقال سموه: لا تقدم ولا مستقبل لنا جميعاً إلا بتفعيل آلية الحوار القائم على احترام الاختلاف في وجهات النظر، بشكل يسمح بالنقاش الموضوعي الجاد حول تحديد الأولويات وتعريف المشتركات الوطنية والإقليمية، مشيراً إلى أهمية أن نتحدث عن الإنسان بمفهوم الحاكمية الرشيدة التي يجب أن تصبح ركناً أساسياً من أركان المجتمع لتفعيله، انطلاقاً من أن المواطنة تعد الضمانة الحقيقية للأمن الإنساني التي تمكن المواطن من المشاركة في تقرير مصيره. 

من جهته، قال أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبوحمور:  إن اشهار هذه الوثيقة الفكرية المرجعية يأتي نتاجاً لتفاعل نموذجي حر، وحوار هادف بنّاء، حول الأوراق النقاشية الملكية الخمس، التي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، بالمساهمة من خلالها في النقاش الوطني حول العملية الاصلاحية ومنطلقاتها نحو ديمقراطية اردنية متجددة وحيوية، تقوم على ركائز ثلاث هي: الترسيخ المتدرج لنهج الحكومات البرلمانية؛ المستظل بالملكية الدستورية؛ والمعزز بالمشاركة الشعبية أو المواطنة الفاعلة.

وأضاف أن هذه الوثيقة تشكل حسبما وصفها سمو الأمير الحسن في مقدمة الكتاب، عوناً للمواطنين في تشخيص مواطن الإنجازات المتحققة والتحديات القائمة وآليات معالجتها ليتشارك الجميع في بناء مستقبل الوطن المنشود، مشيراً إلى ان معطيات اللقاءات الحوارية تعبر عن آمال وطموحات يتلاقى الجميع عندها في أن الاردن قادر بعون الله وتوفيقه، ورغم الصعوبات من حولنا في المنطقة، أن يبني نموذجه الديمقراطي على أسس متينة وروح متجددة، تنطلق من أعماق الذات الاردنية الأصيلة وتظل جزءاً من الكينونة العربية والهوية الانسانية الجامعة؛ كون هذه الوثيقة تمثل سابقة ديمقراطية على مستوى العالم في المشاركة بين القائد وشعبه بالحوار الهادىء العقلاني المستنير مع مختلف الأطياف والتيارات السياسية والاجتماعية والفكرية.

 

كلمة معالي د.محمد ابو حمور

 الأمين العام  لمنتدى الفكر العربي 

اكد  د. أبو حمور أن الفكرة من عقد اللقاءات الحوارية حول الأوراق النقاشية الملكية، التي بادر بها رئيس المنتدى وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال، هدفت إلى إجراء قراءة تحليلية واعية لمضامين وأبعاد هذه الأوراق، وتوسيع دائرة المشاركة في الحوار حول معالم وسمات الرؤية الملكية المستشرفة لآفاق المستقبل الديمقراطي في الأردن، والإسهام في العمل على تجذير القيم والممارسات الديمقراطية في المنظومة القيمية والتربوية والتشريعية، فضلاً عن التمكين المؤسسي لصون هذه القيم والممارسات.    

استهل الدكتور محمد أبو حمور كلمته بالقول إن إشهارِ هذه الوثيقة الفكريّة المرجعيّة يأتي نتاجاً لتفاعل نموذجيّ حرّ، وحوارٍ هادفٍ بنّاء حول الأوراق النقاشية الملكية الخمس، التي تفضَّل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه  بالمساهمةِ من خلالها في النقاش الوطنيّ حول العملية الإصلاحية، ومنطلقاتها نحو ديمقراطية أردنية متجدّدة وحيوية، تقومُ على ركائزٍ ثلاث هي: الترسيخ المتدرّج لنهج الحكومات البرلمانية؛ المستظلّ بالملكية الدستورية؛ والمُعزَّز بالمشاركة الشعبية أو "المواطنة الفاعلة".

وقال إن هذه الوثيقة التي نشهرها اليوم برعاية ومشاركة سمو الأمير الحسن بن طلال، تشكِّل – حسب ما وصفها به سموه - عوناً للمواطنين في تشخيصِ مواطنِ الإنجازاتِ المتحققة، والتحديات القائمة، وآليّات معالَجتِها، ليتشارك الجميع في بناء مستقبل الوطن المنشود.

وأشار د. أبو حمور إلى أن معطيات اللقاءات الحوارية تعبر عن آمال وطموحات يتلاقي الجميع عندها في أن الأردن قادر، بعون الله وتوفيقه، ورغم الصعوبات والعواصف في الإقليم من حولنا، أن يبني نموذَجه الديمقراطي على أسسٍ متينة، وبروح متجددة، تنطلقُ من أعماقِ الذات الأردنية الأصيلة، وتظلّ جزءاً من الكينونة العربية، والهوية الإنسانية الجامعة.

وأضاف إنّنا إذ نعتزّ ونفخر بما أنجزَ هذا البلد وقيادته الهاشمية وأبناؤه، على الصعيد الوطني والعربي والإسلامي، والإنساني؛ فإنَّ الاعتزاز والفخر بهذه السابقة الديمقراطية على مستوى العالم، المتمثلة في بادرة سيد البلاد؛ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين – حفظه الله ورعاه – في المشاركة بالحوار الهادىء والعقلاني المستنير مع مختلف الأطياف والتيارات السياسية والاجتماعية والفكرية، لَتوقد العزائم من أجل العمل على تحقيق المعاني القيمية للمواطَنة، باعتبارها المكون الأساسي في البنيان الديمقراطي والمشاركة الفاعلة، وعَصب المنعة الوطنية في الانسجام التام بين الحقوق والواجبات، والمساواة، وسيادة القانون.

وأشار إلى أن تأكيد جلالة الملك بكون الهدف الأساسي من الإصلاح هو تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وأن المشاركة السياسية في جوهرها - وبالمفهوم الواسع للسياسة في مختلف مجالات الحياة - تشكِّل مسؤولية وواجباً، عبر اختيار شكل المستقبل الذي ننشده لأجيالنا القادمة، يضىء لنا الطريق إلى التشارك في رسم خريطة النهج الإصلاحي، على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسات والدولة. كما يوضح المنطلق والغاية لتحقيق النموذج الديمقراطي، الذي نصبو إليه لتحقيق حاجات المجتمع، وتطلعاته، وتطور نظامه السياسي، واستجابته لمتطلبات التحديث.

وبيّن د. أبو حمور أن تأكيد جلالته، أيضاً، على ضرورة المضي في الإصلاح ضمن مسارات متوازية ومترابطة، وأن النجاح في الوصول إلى الهدف النهائي لهذه العملية الإصلاحية مرهون بقيام جميع أطرافها بمسؤولياتهم وأدوارهم، يلقي على مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الجامعات ومراكز الدراسات والقطاع الخاص، مسؤولية إدامة الجهد والنشاط لإنتاج الأفكار، والاستثمار في البحث العلمي، وتوسيع حجم المبادرات الناجحة، لاستنباط الحلول المناسبة ازاء التحديات. وضمن ذلك يتبلور دور منتدى الفكر العربي ومساهمته الفكرية؛ بوصفه مركزاً عربياً يحمل شعار "الانتماء والإنماء"، ومعنياً بقضايا الوطن والتنمية المستدامة والتقدم، كما هو معني في رسالتهِ بجَسر الفجوة بين الفكر وصانعي القرار، والربط بين الفكر والمواطنة.

وأوضح هنا أنه من هذا المنطلق، عقد المنتدى سلسلة من اللقاءات الحوارية حول مضامين الأوراق النقاشية الملكية، مسترشداً بتوجيهات رئيسه وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال، الذي بادر إلى إطلاق الفكرة وتشريف المنتدى بتبنّي عقد هذه السلسلة من اللقاءات، والتي بلغ عددها سبعة عشر لقاءً، كان آخرها في بداية شهر حزيران الماضي على إثر صدور الورقة النقاشية الملكية الخامسة.

وقال: لقد جاء عقد هذه الجلسات في ضوء التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها العالم العربي، وتداعياتها على الجوانب الاقتصادية والثقافية، وخاصة تلك التي ظهرت مع أحداث ما سمّي الربيع العربي. فكانت الفكرة أن تُجرى قراءة تحليلية واعية للمضامين التي حملتها الأوراق النقاشية الملكية، بهدف توسيع دائرة المشاركة في الحوار حولها، والتعرف إلى معالم وسمات الرؤية الملكية التي تستند إليها هذه الأوراق؛ مبيناً أنه قد شارك في هذه اللقاءات حوالي مئتي مشارك يمثلون مختلف قطاعات المجتمع المدني في المملكة، فضلاً عن أعضاء المنتدى؛ ناقشوا جميعاً مختلف المحاور والموضوعات التي تناولتها الأوراق النقاشية الملكية تحت عناوين "بناء الديمقراطية"، و"تطوير النظام الديمقراطي"، و"أدوار أطراف المعادلة السياسية"، و"التمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة"، و"التحول الديمقراطي الناجح"، و"تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية".

وفي إعلان الإشهار، أعرب د. أبو حمور عن نية المنتدى القيام بخطوات لاحقة يُساهم من خلالها بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني كافة؛ في الحوار الوطني الممنهج، من خلال الانتقال إلى الشق الآخر من هذا المسار، أي عبر توسيع دائرة النقاش حول ما قدمته الرؤية الملكية السامية من آفاق العمل لمستقبل الأردن الديمقراطي، والانتقال باللقاءات الحوارية إلى محافظات المملكة، مع التركيز على مشاركة وتعاون الهيئات التشريعية والقطاع التربوي والعمل الاجتماعي والشباب والمرأة، تأكيداً للمسؤولية الجماعية التي تحدث عنها جلالة القائد في احتضان القيم والممارسات الديمقراطية وضمان تطويرها، من خلال تجذيرها في المنظومة القيمية والتربوية والتشريعية، وتمكين المؤسسات الوطنية المسؤولة لصون هذه القيم والممارسات.

وقال: إن المنتدى إذ يتطلَّع إلى تحقيق المسار التالي من اللقاءات الحوارية، ليأمل أن يتعاون معه الجميع في هذا الصدد بالمشاركة والدعم والمساندة، فتتكامل الأدوار على أُسس تكفل بناء النموذج الديمقراطي الذي نرنو إليه، والذي نأمل أيضاً أن يكون نموذجاً يُستفاد منه في المنطقة العربية كتجربة لتجاوز حالات الانقسام ورفد التنمية المستدامة وإرساء السلم الاجتماعي، وإعادة بناء الذات على قاعدة قيم الممارسة الديمقراطية السليمة، والحوار والتوافق على القواسم المشتركة.

واختتم الأمين العام لمنتدى الفكر العربي كلمته بالقول: إن هذا الكتاب الذي نشهره اليوم هو خلاصة مركَّزة لهذه اللقاءات، وثمرة جهد مشكور وموضع اعتزاز وتقدير لجميع المشاركين والمتحدثين الذين ساهموا في اللقاءات. وقدم الشكر في هذا المجال إلى الدكتور صبري ربيحات، الذي كان لجهوده الموصولة والفريق الذي عمل معه الأثر الطيب في تنفيذ اللقاءات وإنجاحها من خلال التنسيق وإدارة الاتصالات والتحضيرات، والتعاون مع المنتدى في هذا الصدد. كما شكر الدكتور الصادق الفقيه، الأمين العام السابق للمنتدى وكادر الأمانة العامة، على المتابعة الحثيثة لتنفيذ اللقاءات وتوثيقها. والدكتورة نادية سعد الدين التي عملت على إعداد الخلاصات البحثية للقاءات التي ضمها الكتاب. كما شكر الداعمين لهذا الحدث من المؤسسات والشركات الوطنية الأردنية.  

وقال رئيس مجلس الأعيان بالإنابة العين فيصل الفايز، إن جلالة الملك عبدالله الثاني، منذ توليه سلطاته الدستورية، رفع شعار الاصلاح الشامل في جميع المجالات وأرسى رؤية واضحة لمستقبل الديمقراطية في الأردن مما مكنا من تحقيق العديد من الانجازات على طريق الاصلاح وتعميق النهج الديمقراطي من بينها اجراء تعديلات دستورية أفرزت الهيئة المستقلة للانتخاب ومحكمة دستورية، إضافة إلى أنها عملت على تحصين البرلمان ودوره وعززت مبدأ الفصل بين السلطات، كما أقرت العديد من التشريعات التي دعمت منظومة النزاهة والشفافية والمشاركة الشعبية والحريات العامة.

وأضاف: "لأن الاصلاح في بلدنا يتم وفق رؤية واضحة وخطوات مدروسة وتتوفر له الإرادة السياسية، وعلى أساس هذه الرؤية قام جلالة الملك عبدالله الثاني بمبادرة منه، بطرح خمسة أوراق نقاشية كان هدفها تجسير الفجوة بين الدولة ومختلف القوى حول النظرة للاصلاح الذي يليق ببلدنا وشكلت الأوراق الخمسة في مضامينها روافع قوية في جميع المجالات، ودعا جلالته فيها مختلف القوى الوطنية والحزبية والسياسية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني إلى مناقشتها والحوار حولها بهدف الوصول الى قواسم مشتركة بين الجميع حول مستقبل الأردن. وكانت هذه الأوراق الملكية بمثابة خريطة إصلاحية شاملة تحدث جلالته فيها حول تشكيل الحكومات البرلمانية والملكية الدستورية، ونبّه الى مختلف التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها.

وأشار النائب الاول لرئيس مجلس النواب النائب أحمد الصفدي، في كلمته، إلى أن الكتاب أسس لفكرة أن المواطن عنصر فاعل في إدارة الشأن المحلي والابتعاد عن النمطية والتلقي والاذعان بالقبول، وهي الفكرة الأساسية التي انطلقت منها الاوراق النقاشية الملكية، منوهاً إلى تطلع الجميع إلى اليوم المنشود الذي تتحقق فيه الرؤية الملكية الشاملة، وأن تؤدي كل جهة دورها وصولاً إلى المراد ، وأن يتم التطبيق الفعلي من قبل السلطات ومن قبلها الأمة وأن يقوم الجميع بدورهم لبناء الديمقراطية وتطويرها، وممارسة الأدوار سواء الحزبية أو النيابية أو التنفيذية، أو دور المواطن للتمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة ليتم التحول الديمقراطي بنجاح، ومن ثم يتعمق للوصول إلى الأهداف والمنجزات.

واعتبر رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري ان الرؤية الملكية في الأوراق النقاشية تؤسس لمشروع وطني نوعي ومتكامل، مشروع يتناول بجرأة وموضوعية سائر متطلبات الدولة العصرية الناهضة المؤهلة للتطور المتدرج بما يحاكي روح العصر من جهة، وما يصون الثوابت الوطنية والقومية والدينية من جهة ثانية، لافتا إلى أن مبادرة جلالة الملك بطرح هذه الاوراق النقاشية تمثل سابقة ليس في تاريخ الاردن والمنطقة فحسب، وإنما في مسيرة العمل القيادي السياسي على الصعيد العالمي بأسره. وأشار المصري الذي يشغل منصب نائب رئيس المنتدى إلى أن المنتدى كان سباقا في وضع الاوراق النقاشية في نقاش علمي مكثف يفضي إلى نتائج عملية، بمبادرة من سمو الأمير الحسن بن طلال، حيث وجه المنتدى لعقد ورش عمل لمناقشة الاوراق وتفريغ محتوياتها الى نقاط وأفكار، لافتاً إلى أن سمو الأمير الحسن يرى أن الوقت حان كي نرى زخماً أكبر لحملة وطنية شاملة تتعاون فيها مختلف المؤسسات والسلطات لمناقشة هذه الأوراق.

وأكد وزير الاعلام الأسبق الدكتور نبيل الشريف، أن المسار المتمثل بطرح القائد لأفكاره للنقاش العام هو بالفعل أمر قليل الحدوث في علاقات القادة بشعوبهم، فقد اعتادت الكثير من الشعوب على تلقي أوامر القادة ونواهيهم لا طروحاتهم وأفكارهم، مضيفاً أن جلالة الملك رسم في هذه الأوراق النقاشية ملامح الغد الأردني البهي، وهو نموذج قائم على الشراكة والحياة السياسية النشطة، حيث سيكون للمواطن المسؤولية الكبرى في إدارة شؤون حياته من خلال مؤسسات دستورية راسخة. 

وعرض الوزير الأسبق الدكتور صبري اربيحات، إلى مراحل جلسات الحوار بدءاً من توجيهات سمو الأمير الحسن بن طلال للمنتدى بأهمية إجراء حوار ونقاشات للأطروحة والأوراق الملكية، ومرحلة النقاشات التي دارت وكيفية اختيار المتحدثين من جميع الأطياف السياسية، ومن ثم توثيق هذه النقاشات وتحليلها.

ولفتت الدكتورة أدب السعود إلى الحوارات العميقة التي تمت لمناقشة الأوراق الملكية في منتدى الفكر العربي من قبل أهل الفكر والاختصاص، مشيرة إلى أهمية تعميم التجربة لتشمل جميع شرائح المجتمع على امتداد الوطن، إذ إن التغير الاجتماعي الحقيقي يبدأ من القاعدة صعوداً باتجاه رأس الهرم.

وفي ختام الحفل الذي أداره وزير الثقافة الأسبق جريس سماوي، وحضره عدد من السفراء والمسؤولين، كرّم سمو الأمير الحسن الجهات الداعمة لإصدار الكتاب وتنظيم هذا الحدث.

 

 كلمة دولة طاهر المصري

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب السمو الملكي ،

حضرات السيدات والسادة الأفاضل ،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

     يكتسبُ هذا اللقاءْ ، أهمية ً خاصة ْ ، مصدَرُها هو موضوعُها ، فنحنُ نبحث ُ  في أوراق نقاشيةٍ قدمها ملك ٌ لشعبه ْ ، بأعتبارها رؤيته ُ لبناء وطن ٍ عصري متطور ْ .  وهي رؤية ٌ تجسدُ أفكاراً إبداعية ً في شتى ميادين الحياة والعمل العام .  وهي رؤية تؤسس لمشروع وطني نوعي متكامل ، مشروع يتناول بجرأة وموضوعية ، سائر متطلبات الدولة العصرية الناهضة ، المؤهلة للتطور المتدرج ، وبما يحاكي روح العصر من جهة ، وبما يصون الثوابت الوطنية والقومية والدينية من جهة ثانية ْ .

       كنت آمل أن تجد تلك الأوراق النقاشية الملكية ْ ، إبداعاً موازياً في نقاشها ، وإبداعاً أكثر من الشروع بترجمتها تباعاً على أرض ِ الواقع ْ ، إلى تشريعات ٍ وخطط ٍ وبرامج ، ألاّ أنّ الأمور لم تسرْ بوضوح في هذا الاتجاهْ ، ولم تأخذ ْ تلك الأفكارُ الإبداعية ُ ، حظها في نقاش ٍ علميٍ مكثف ٍ يُفضي إلى نتائج عملية ْ ، إلى أن بادر صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال إلى توجيه منتدى الفكر العربي لعقد ورشة عمل لمناقشة الأوراق النقاشية وتفريغ محتوياتها إلى نقاط وأفكار هي بين أيديكم اليوم ، ويرى سموه وهو رائد الفكر والمبادرات ، أن الوقتَ قد حان َ فعلاً ، كي ْ نَرى زخماً أكبرَ لحملة ٍ وطنية ِ شاملة ْ ، تتعاون فيها مختلف ُ سلطات ِ الوطن ْ ، ومؤسساتهُ الرسمية ُ والاهلية ْ ، في مَشهد ٍ حضاريٍ يجعلُ من َ الفكرة ِ مشروعاً ، وللمشروع ِ مدخلات ٍ ومخرجات ْ ، في السياسة ْ ، وفي الاقتصاد ْ ، وفي الاجتماع ْ ، وفي كل مجال ٍ تناولته ُ أوراق ُ الملك النقاشية ْ .

 أجزم تماماً ، أن جلالة الملك عبد الله الثاني ، عرض الأوراق النقاشية الملكية ْ للشعب ْ ، كنتيجةٍ لقراءةٍ واقعية ٍ لظروفِ الداخل ْ ، وللمشهدين ِ الإقليمي والدولـــي ْ ، وإنعكاسات ِ ذلك على الأردن ْ ، وللدور التاريخي والمعاصر والمستقبلي ْ ، الذي يمكُن للأردن النهوضَ به ْ ، في إقليمٍ متغير ٍ يمُر بالتطورات ، وعالم ٍ مشحون ٍ بالتناقضات التي تُمليها المصالحُ والمطامحُ وحتى المطامعْ . ومن هُنا ، فأن الواجب الوطني ْ ، يتطلب ُ من ْ كل مواطن ٍ مسؤول ْ ، وكُل من يعتقدُ بأنه رُجلُ دولة ْ ، وكل سلطاتِ الدولة ْ ، على إختلافِ وتكامل مهامها ، النهوضُ بمسؤولية الوقوف ِ مطولاً أمام الإفكارِ التي جاءت ْبها تلك الأوراقُ النقاشية ْ ، والشروع َ في تحويلها إلى عمل ْ ، والخروجَ من ْ هذا العمل ْ ، بمُخرجاتٍ وطنيةٍ راسخةٍ تصون حاضر الدولة ْ، مستقبل َ الوطن ْ، تُعظم الدورَ والمكانة ْ ، وتُحّصن ُ الأردن في مواجهةِ الصعاب والتحديات ْ ، تعززُ مبادىء السلم الاهلي ْ ، وتعمقُ روحَ الإنتماءِ المستندِ إلى الاعتزازِ بالهوية الوطنية الجامعة ْ ، تحققُ العدلَ والمساواةَ وفقَ شُروطهما وبأمانة ْ ، وتكفل ُ سيادة الدستورِ وقوة القانون ، تُنمي مبدأ المشاركة لا التنحي أو المقاطعة ْ ، وتؤسس لحاضر ٍ كريمٍ وغدٍ أقضل يلتقي فيه الجميع ، على قواعــد ِ الوحدةِ والتكامل ِ والتآخي ، وإحترام ِ التعددية باعتبارهاِ حالة ً تُثري ، ولا تُغري بالانعزال والانغلاق ، ونبذ ِ سائر ِ الهويات ِ الجهوية ِ والفرعية  ْ ، دون الهوية الوطنية ِ الأصلب ْ .

السيدات والسادة الكرام ،

     هذا بعضٌ مما جاءت به الأوراقُ النقاشية الملكية ُ ، ولا يتسعُ المجال ُ للخوض في ما هو َ اكثر ْ ، وصولاً إلى التعليم والقضاءِ والحياة الحزبية والبرلمانية وسوى ذلك ، وتلك تفاصيلُ مهمةٌ لا تقل أهمية ُ أي منها عن سواها .

       وما يعنيني في هذا المقام ْ ، هو التأكيدُ على أن هذه البادرة والمبادرة الملكية َ ، هي بداية لحقبة جديدة من عهد الملك عبد الله تعتمد بكل جدية وصلابة على تلك الافكار ، وسوف يكون لتلك الافكار مخرجات تتماشى مع رؤية القوى والحركات الإصلاحية في الساحة الاردنية .  وهي تمثل سابقة ليس في تاريخ الأردن والمنطقة وحسب ْ ، وإنما في مسيرة العمل القيادي السياسي على الصعيد العالمي بأسره ، عندما يبادر ملك ٌ موقر يحظى بدعم  شعبي  ْ، وتقدير ٍ عالمي ٍ واسع ْ ، إلى إستنهاض همة ِ شعبه ومؤسساتِ دولته ، للتعاون في بناء نهج ِ إصلاحي وطني شامل ْ ، وعلى أسس ِ فكرية ِ وعلمية ِ مدروسة ِ ذات قيمة عُليا .

 

       إن ما يشهدهُ إقليٌمنا وعالمُنا العربُي عموماً ، من أحداثِ جسامٍ تقض مواجع َ الكوكب كله ، وما يمثلهُ بلدُنا العزيز ، من وطن ٍ مستقر ٍ آمن ْ ، وسطَ بحر ٍ متلاطم ٍ من الدماء والتشرد والحروب والنكبات ، هو واقعً لا يمكنُ الركونُ إليه طويلاً ، إن ْ لم ْ نُبادْر جميعاً وبلا تردد ْ ، إلى الايمان الصادق بقدسية النهوض المشرف بواجبنا نحوَ الوطن ْ ، ليكون وبحق ْ ، علامة ً باررزة ُ وفريدة في التميز ْ ، وسط َ هذا المخاض الإقليمي الجليلة على مائدةِ البحث ِ العاجل ْ ، سبيُلنا الصحيح نحوَ المبُتغى  وفي السياق ْ ، فنحن نشهدُ في هذه الأيام ، سجالاً حول َ مشروع قانون الانتخاب المنتظر ، وهنا أود التأكيد على جملة ٍ من الحقائق ِ بعُجالة ْ .

أولاهما : إن هذا المشروع َ يُحاكي واقعَ الدولة ِ الأردنية ِ وخصوصياتها ، وبالذات ْ ، واقع َ التعددية السياسية وطبيعة المجتمع ْ ، فهوُ يؤسُس لحالة ٍ تشاركية بين مُختلف الأطر السياسية والاجتماعية ، لتشكيل الهيئة العامة للمؤسسة البرلمانية ، دون َ أن يطغى َ تيارٌ سياسيٌ بعينه ْ ، على المشهدِ العام ِ للدولة ِ والحكم ْ ، وتلك َ ميزة ٌ لا مثلبة فيها أبداً ، وتجعل من منظومة الحكم ، منظومة ً تشاركية ً يُسهم الجميعُ في تشغيلها وإدارتها ، في مسارٍ ديمقراطي يُكرس روح المواطنة والوطنية معاً .

وثانيهما : إنْ سمحتم ، هو حتمية أن نعمق النظرة جميعاً في واقع الأردن وخصوصياته ، وأن لا يجنحَ أيُ منا نحو َ الإنعزالٍ والتفرد ِ ، أو نبذِ الآخر ِ أو الاستئثار ، فنحن جميعاً في مركب واحد ْ ، وهذا الوطن ْ ، بهويته الوطنية الأردنية ِ الجامعة ْ ، أمانة ٌ في أعناقْ الجميع ْ ، الإنتماء إليه واجب مقدس ْ ، وخدمة وصون تاريخه وحاضره ومستقبله ، واجب مقدس كذلك .

في ظل هذا الواقع المميز ْ ، يغدو من َ الحصافة ِ بمكان ْ الإفتراض ، أن الواقع السكاني في المملكة ، وما ينتج عنه من أطر سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ، يمنح الأردن خصوصية تجعلُ من التشاركية في الحكم على مستوى السلطات التنفيذية والتشريعية ْ ، حالة ً مطلوبة ، ومحببة .

       وأتشرف أن يكون منتدى الفكر العربي وراعيه سمو الأمير الحسن هو المبادر لهذا التحرك الفكري المعطاء .

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله .

 

كلمة دولة الأستاذ فيصل الفايز

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمدٍ النبي العربي الهاشمي الامين

سيدي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم حفظه الله ورعاه

السيدات والسادة الحضور ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

بدايةً لا بُد من الإشارة إلى أن الدولة القوية ، إنما هي الدولة الحية التي تعمل على تطوير نفسها في مختلف المجالات ، بهدف إستيعاب التحديات ومواكبة التطور والحداثة والنمو ، والإستجابة الى حاجات مواطنيها ، وبناء المجتمع الديمقراطي وغير ذلك من الحقوق التي كفلتها الدساتير والقوانيين المختلفة .

والأردن وبقيادته الهاشمية منذ التأسيس كان يدرك هذه الحقيقة ، فعمل على تحصين نفسه لمواجهة التحديات ، ولإجل ذلك أقام المؤسسات الدستورية وحصّن مؤسسات الدولة  ، وقد آمن منذ البداية ان المشاركة الشعبية في صناعة القرار الوطني هي أساس الحكم الرشيد ، فنشأة الحياة البرلمانية والنيابية التي تمثل الشعب مع نشأة الدولة الأردنية الحديثة وتطورت مع تطورها.

ورغم التحديات الكبيرة التي واجهت الاردن عبر العقود الماضية وحتى يومنا هذا ، إبتداءاً من إحتلال فلسطين ومرور بالانقلابات العسكرية في أكثر من قطر عربي ، إضافة الى العديد من موجات اللجوء الى بلدنا وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، مرور بما خلّفه ما سمي " بالربيع العربي " ، والذي جعل من بلادنا العربية ساحة لصراعات القوى الكبرى ، إلا أن الأردن بفضل الله ووعي أبنائه ، وحنكة وحكمة قيادته الهاشمية ، إستطاع تجاوز كافة هذه التحديات ، واستطاعت مؤسساتنا الوطنية الراسخة من إستيعاب الأزمات ، وتمكّنا بفضل الإرادة القوية من لدُن قيادتنا الهاشمية أن نتجاوز كافة المخاطر  .

الحضور الكريم ...

تعلمون بان جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ توليه سلطاته الدستوريه ، رفع شِعار الإصلاح الشامل في كافة المجالات ، وأرسى رؤية واضحة لمستقبل الديمقراطية في الأردن ، مما مكننا من تحقيق العديد من الإنجازات على طريق الإصلاح وتعميق النهج الديمقراطي ، من بينها إجراء تعديلات دستورية أفرزت هئية مستقلة للإنتخاب ومحكمة دستورية ، إضافة إلى أنها عملت على تحصين البرلمان ودوره ، وعززت مبدأ الفصل بين السلطات ، كما أقرت العديد من التشريعات التي دعمت منظومة النزاهة والشفافية والمشاركة الشعبية والحريات العامة .

ولإن الإصلاح في بلدنا يتم وفق رؤية واضحة وخطوات مدروسة وتتوفر له الإرادة السياسية ، وعلى أساس هذه الرؤية قام جلالة الملك عبدالله الثاني وبمبادرة منه بطرح خمسة أوراق نقاشية كان هدفها تجسير الفجوة بين الدولة ومختلف القوى حول النظرة للاصلاح الذي يليق ببلدنا ، وشكلت الاوراق الخمسة في مضامينها روافع قوية  لمستقبل الاردن في كافة المجالات ، ودعا جلالته فيها مختلف القوى الوطنية ، والحزبية والسياسية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني الى مناقشتها والحوار حولها ، بهدف الوصول الى قواسم مشتركة بين  الجميع حول مستقبل الاردن ، وكانت هذه الاوراق الملكية بمثابة خريطة اصلاحية شامله ،تحدث جلالته فيها حول تشكيل الحكومات البرلمانية ، والملكية الدستورية ، ونبه الى مختلف التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها .

وأشارت الأوراق الى اهمية إعادة صياغة مفاهيم جديدة للمواطنة الفاعلة ، والتمكين الديمقراطي ، والدولة المدنية والتعددية ، والاصلاح المتدرج ، وركزت على موضوع القيم والممارسات الديمقراطية الأساسية ، والأدوار التي يجب على الجميع تطبيقها عند قيامهم بمسؤولياتهم .

الحضور الكريم ...

لقد أكد جلالته في الأوراق ، على ان التحديات التي تُحيط في الاردن، يجب ان لا تكون مدعاة لتوقف عجلة الاصلاح ، ومواصلة مسيرة بناء الديمقراطية وتعميقها ، وأكدت أيضاً على انه وبالرغمِ من  وقوع أجزاء من منطقتنا العربية ، ضحية للصراع المذهبي والأرهاب والفكر المتطرف ، إلا أن مسيرتنا الإصلاحية المُتدرجة إنما هي الخيار الأفضل ، فأكد جلالته على أن الإصلاح هو الأكثر ثباتاً وإستدامةً لحماية بلدنا من الفوضى التي  حولنا.

ولم يغفل جلالته دور المواطنيين ، في المشاركة في الحياة السياسية  من خلال المواطنة الفاعلة ، ليكون الجميع شركاء في صناعة القرار، ولتعزيز القيم التي يجب ان تحكمنا في حواراتنا التي نسعى اليها  لتعميق نهجنا الديمقراطي ، والتي اساسها إحترام الرأي والرأي الاخر  وعدم الاقصاء .

الحضور الكريم ...

ان السؤال المطروح اليوم على الجميع ، ماذا بشأن الاوراق النقاشية؟ وكيف كان تعاملنا معها؟ للاسف أقول أننا لم نعطيها الإهتمام الكافي، وتعاملنا معها بشكل خجول ومبعثر ، ولا يسعني هنا  في حفل إشهار كتاب اللقاءات والحوارات التي اقامها منتدى الفكر العربي حول الاوراق النقاشية الملكية ، الا ان اتقدم بالشكر الجزيل للمنتدى برئاسة صاحب السمو الملكي الامير الحسن بن طلال المعظم على هذا الجهد الكبير والمميز ، هذا الجهد الذي جاء انطلاقاً من دور المنتدى الريادي في الحياة العامة ، وبهدف ردم الفجوةَ بين مختلف وجهات النظر حول الإصلاح في الاردن ، وقد شكّلت مخرجات هذا الجهد ، لأجل تحليل المضامين التي حملتها الاوراق الملكية بهدف توسيع دائرة الحوار حولها ، بمثابة المرجعية لكل مهتمٍ وباحثٍ.

وفي هذه المناسبة أيضاً فإنني أقول وبكل صراحة ، أنه كان يجب على الحكومة ممثلة بوزارة الشؤون البرلمانية والسياسية ، أن تعقد ورش عملٍ وحواراتٍ ممنهجةٍ حول الاوراق ، يشارك فيها الجميع دون إقصاء ، بهدف وضع إستراتيجة للإصلاح الشامل ، تحمل في طياتها خلاصة الحوارات والندوات ، وتكون بمثابة وثيقة وطنيه تُشكل للجميع مرجعاً لعملية الإصلاح التي ننشدها وينشدها جلالة الملك المفدى .

والتقصير لا يقع على الجهات الرسمية وحدها ، بل أيضاً على مؤسسات المجتمع المدني وخاصة الأحزاب والقوى السياسية لكن للأسف فإن غالبيتها غلّبت الخاص على العام .

الحضور الكريم ...

جميعنا يُدرك ان هنالك وجهات نظر مختلفة حول شكل الاصلاح الذي نريده ، ومن هنا جاءت الرؤية الملكية التي حملتها الأوراق النقاشية، لتكون نقطة الإنطلاق للحوار الذي يجب أن يؤسس بين الجميع ، على قاعدة أن يكون الحوار عقلاني وموسعاً وشاملاً ، أساسه تقبل الرأي والرأي الأخر والإيمان بحق الإختلاف ، بهذا فقط نصل جميعاً إلى نقاط تلاقي ، فالإصلاح مهما كان شكله ونوعه ليس مجرد دساتير وقوانيين على أهميتها ، بل هو حالة توافقية بين الغالبية.

شكراً سيدي صاحب السمو الملكي الامير الحسن بن طلال المعظم

شكراً لكم جميعاً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتورة أدب مبارك السعود

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة ووالسلام عل النبي الهاشمي العظيم سينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...

صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم / رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه .

أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة

السيدات والسادة الحضور الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

    سمو الأمير المعظم .. يشرف بكم الزمان مفكرا ،عربيا ،قوميا وعالميا ،كما يشرف بكم المكان أميرا هاشميا حمل في فكره ووجدانه مشروع النهضة العربية الكبرى .. وبذل في سبيله عصارة جهده، وسكب عليه من سنين عمره  لتكون الثمرة وطنا عزيزا قويا رغم صغر حجمه وشح موارده –إلا من رجاله الشرفاء _ ، ورغم التحديات التي تعصف  بالأمة العربية من المحيط الى الخليج ، وبالأمة الإسلامية من الشرق إلى الغرب .

 نتشرف اليوم بالحضور بين يدي الفكر وأصحاب الخبرة والاختصاص للاحتفاء بإطلاق كتاب "الأوراق النقاشية الملكية" التي اطلقها جلالة الملك حفظه الله  قبل ما يزيد عن عام وثمانية أشهر ،والتي تعتبر تمرينا حيا وتطبيقا عمليا لمبادئ الحوار الديمقراطي الحقيقي ، الذي يفضي في نهاية الأمر إلى نتاجات إصلاحية  يمكن وصفها بأنها نموذجية .

 لم تكن الأوراق الملكية ترفا فكريا أو نظما كلاميا أو تجليات أدبية ،بل جاءت استشرافا لمآلات الأوضاع السياسية والاقتصادية والإجتماعية التي أثرت وتؤثر علينا بشكل مباشر أو غير مباشر ،فكانت بمثابة موجهات نحو العمل الجاد والمثمر .كما أنها لم تكن وليدة الصدفة أو التخمين فقد عبرت عن فهم دقيق لظروف استثنائية ،وتغيذرات عميقة في بنية الأنظمة السياسية  العربية – ما عرف بالربيع العربي - مما شكل انعكاسا مباشرا على فكر الشارع الأردني ومزاجه وهواجسه ،فكانت هذه الأوراق استجابة واثقة لحراك الواقع من جهة ،ولما يجري من تغيّرات على الصعيدين العالمي والعربي من جهة أخرى .

صاحب السمو الملكي

السيدات والسادة

 لقد طرح جلالة الملك الأوراق الملكية للنقاش العام لتصبح مضامينها ثقافة اجتماعية راسخة ومظاهر حياتية معاشة .فقد بينت الورقة الأولى شكل البناء الديمقراطي الذي يتطلع إليه الأردنيون ،حيث وضحت رؤية ومنظور رأس الدولة لمبدأ الحوار الديمقراطي الذي يؤسس لاختيار الشعب لممثليه على أسس البرامج والتوافق والمصالح العليا للدولة بحيث يصبح  الحوار نهجا وسلوكا سياسيا ..الحوارالذي يقوم على التعددية والشراكة بين مكونات المجتمع أفرادا ومؤسسات ومنظمات أهلية .

كما حثّت  الورقة الثانية - التي جاءت قبيل انتخابات مجلس النواب السابع عشر – المجتمع على الممارسة الديمقراطية وفقا للنموذج المفضي إلى الحكومات البرلمانية مبيّنة الأدوات والآليات والمراحل التي ستحقق هذا الهدف الكبير .

أما الورقة الثالثة فقد أكدت على ضرورة المضي في مسيرة الإصلاح ،وتعزيز النجاح ،والبناء على الإنجاز ، وتوطيد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال تحديد آلية المشاركة النيابية في الحكومات وفقا للأغلبية الحزبية القائمة على البرامج الوطنية ، وتشكيل حكومات كفؤة تحظى بثقة البرلمان ،وتحقق معايير الآداء الحكومي المتميز .

وعن المشاركة السياسية من خلال "المواطنة الفاعلة " فقد بينت الورقة الرابعة أن هذه المشاركة لاتنحصر في الوصول الر قبة البرلمان او الوزارة بل تتعدى ذلك إلى انخراط  جميع المواطنين في الحياة السياسة كحق أساسي كفله الدستور وحماه .على ان هذا الحق يرتب على الفراد مسؤوليات على الجميع الالتزام بها حتى عند المعارضة او الاختلاف في الرأي .

ولتعميق تجربة التحوّل الديمقراطي الأردنية التي جاءت في "ربيع أردني خاص"  وفي خضم ما يعصف في الإقليم العربي ،جاءت الورقة الخامسة لتؤكد إصرار الأردن على  إتمام عملية التحوّل الديمقراطي باستكمال البناء على الإنجاز التشريعي والمؤسسي الذي تحقق في الربيع الأردني ،واعتبارالحوار قيمة أساسية على جميع أطراف المعادلة السياسية الالتزام بها .إضافة إلى ضرورة اضطلاع منظمات المجتمع المدني ،وقطاعي الشباب و المراة  بأدوارهم في تعميق التحول الديمقراطي وإنضاجه.

صاحب السمو المعظم

السيدات والسادة

لقد حظيت الأوراق الملكية _ وبرعاية كريمة  وتوجيهات من سموكم -   بنقاشات وتحليلات وحوارات عميقة في منتدى الفكر العربي ،من قبل أهل الخبرة والاختصاص  في السياسة والاقتصاد والاجتماع وعلماء ورجال الدين ،إلّا أن هذه الجهد الكبير الذي كان على مدار سبعة عشر أسبوعا كان محصورا ومقتصرا على فئة محدودة من النخب الأردنية في المجالات المختلفة ، وإننا إذ نشرف اليوم بالمشاركة في إطلاق ما تمخضت عنه تلك الحوارات المعمقة ،أرى أن الأردنيون ينتظرون اليوم الذي يقدمون فيه للعالم تجربة ديمقراطية فريدة ، وحتى يتحقق ذلك لهم فإن الأنظار تتطلع إلى ن تعميم تجربة الحوارالذي جرى في المنتدى  لتشمل كافة شرائح المجتمع على امتداد الوطن ،إذ أن التغيّر الاجتماعي الحقيقي يبدأ من القاعدة صعودا باتجاه رأس الهرم ، وهو الأقوى والأرسخ والأدوم.

سمو الأمير المعظم

أدعو الله العطيم أن يبارك جهودكم وعمركم ، وأن يحفظ بلدنا وأمتنا من كل سوء ،إنه سميع مجيب .

عشتم وعاش الوطن ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 

كلمة معالي د. نبيل الشريف

سيدي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم  حفظه الله ورعاه

أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة

الحضور الكرام

أسعد الله مساءكم جميعا بكل الخير

في الوقت الذي تشتعل فيه نيران الحروب والفتن في العديد من الفضاءات المحيطة بنا ، وفي الوقت الذي يواجه فيه أشقاء لنا  تقطعت بهم السبل  أمواج البحار وإكراهات الغربة للفوز بسقف آمن في الأصقاع البعيدة ، نلتقي نحن الاردنيون اليوم  ، وهددفنا هو ىالإحتفاء  بتتويج جهد مميز بذله منتدى الفكر العربي  طوال الشهور الماضية لتدارس الأوراق النقاشية الخمسة  التي أطلقها صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني في الفترة الماضية ، وتسليط الضوء على محاورها المختلفة ومضامينها المتعددة والتي تصب جميعها في تعزيز مسيرة النهوض والإصلاح في بلدنا العزيز.

 نلتقي اليوم للإحتفاء بثمرة هذا الجهد المتمثل  بإشهار  كتاب جامع  يوثق للقاءات  والجلسات الحوارية الي عقدها منتدى الفكر العربي  في الفترة الماضية   بتوجيه كريم من لدن  صاحب السمو الملكي الأميرالحسن بن طلال لتدارس هذه الأوراق الملكية  ، والتي يمثل إصدارها  بحد ذاته  مبادرة  فريدة على الصعيد العالمي.

هذا هو الأردن  الواثق بمسيرته المعتز بحاضره المتطلع لبناء المستقبل الواعد الذي يليق به .

هذا هو الأردن الذي يخاطب فيه القائد شعبه بلغة الحوار والإقناع  وطرح الحجج والأسانيد للوصول إلى قناعات متفق عليها ورؤى جامعة  تهيئ  لترجمة هذه الأفكار الطموحة  إلى  قرارات وإجراءات عملية.

إن هذا المسار المتمثل بطرح القائد لأفكاره للنقاش العام  هو بلاشك أمر قليل الحدوث في  علاقات القادة بشعوبهم ، فقد إعتادت الكثير من شعوب  المنطقة بل العالم على تلقي أومر القادة ونواهيهم لا طروحاتهم وأفكارهم.

وهذا يعكس بشكل واضح  نظرة القائد المنصفة  لأبناء شعبه على أنهم شركاء حقيقيون في صناعة الحاضر ورسم ملامح المستقبل .

كما أن إطلاق  هذه الأوراق النقاشية الملكية يمثل  إعلاءَ  وتعظيما   لقيمة الحوار وتأكيدا على أهمية الإحتكام إلى الإقناع  وطرح الأراء لخلق الرؤى والأرضيات المشتركة  حول كل القضايا. وأحسب أن المطلوب هو التأسيس لواقع وطني يقوم على الحوار في كل تفاصيله وينأى عن الإملاء  وفرض الآراء إقتداء بهذ السنة الملكية الحميدة.

لقد رسم جلالة الملك عبد الله الثاني  في هذه الأوراق النقاشية الخمسة  ملامح  الغد الأردني البهي الذي يستحقه الأردن وشعبه العزيز ، وهو نموذج قائم على الشراكة  والحياة السياسية النشطة حيث  سيكون للمواطن ، وهو حجر الرحى في  مجمل عملية البناء والنهضة،  المسؤولية  الكبرى  في إدارة شؤون حياته  من خلال مؤسسات دستورية راسخة.

 أما تحقيق هذه الرؤية الملكية فإنه يتم من خلال عمل تشاركي لاينوب فيه أحد عن احد فلكل مواطن في موقعه دور ينبغي علية القيام به للمساهمة الفاعلة في نقل هذه الرؤية الملكية إلى حيز الفعل ، فهذه الرؤية  ترمي في نهاية المطاف إلى إستكمال صياغة ملامح  النموذج الأردني الذي حاز ، حتى قبل إكتمال جميع  مراحله ومحطاته ، على إعجاب الكثيرين.

لقد إنبرى منتدى الفكر العربي برعاية مباشرة ومتابعة حثيثة من سمو الأمير الحسن بن طلال رئيسه وراعيه ، لمهمة دراسة الأوراق الملكية الخمس دراسة علمية موضوعية، ولم يكتف بعقد الندوات المتخصصة  التي شارك فيها الباحثون  من كل الأوان الطيف السياسي والإجتماعي ، وأتاح لهم جميعا الإدلاء بآرائهم في جو علمي راق ومسؤول، بل نقل الحوار إلى الشباب بإعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل وليسوا  متلقين للأفكار بل مساهمين حقيقيين في صياغتها وإخراجها إلى حيز الوجود .

 وكما أن من حق الباحثين المختصين في العاصمة أن يخضعوا هذه الأوراق للنقاش ، فإن الأهل والأحبة في كل محافظات المملكة معنيون  أيضا بالمشاركة في هذا العمل الوطني الذي تمس مخرجاته حياة الأردنيين  في كل أرجاء وبقاع الوطن. فلعاصمتنا الحبيبة موقعها الخاص في سويداء القلب لدى كل الأردنيين ، ولكن هذا لايعنى أن تنوب عن أبنائنا المخلصين  في كل أرجاء الوطن  ، فلهم حق أصيل لاينازعهم  عليه أحد للمشاركة  في صياغة الحاضر والمستقبل بالأفعال وليس بالأقوال. ولهذا فقد حرص منتدى الفكر العربي على عقد عشرات اللقاءات في كل محافظات المملكة.

ويسجل لمنتدى الفكر العربي إختياره لهذا النهج  الجماعي التشاركي  في دراسة هذه الأوراق الملكية  التي خاطبت جميع الأردنيين ونظرت إليهم نظرة الشركاء الحقيقيين في إستكمال بناء الحاضر وصياغة المستقبل الواعد الذي نصبو إليه جميعا.

كما أن إصدار هذا الكتاب الذي يوثق لجهود الحوارحول الأوراق النقاشية الملكية  التي إمتدت شهورا عديدة هو بحد ذاته تأكيد على أهمية التوثيق والتدوين في كل الأمور المتعلقة بحاضرنا ومستقبلنا . وكم هو حري بنا ان نعزز هذا النهج الذي يعلي من أهمية الكلمة ويؤسس لحالة تحترم الجهد الإنساني  وتسهم في حماية  الذاكرة الوطنية.

تحية لهذا  الجهد الملكي الذي يرسم بنجاح لافت ملامح الغد الأردني الذي نغذ إليه الخطى ونسعى معا للوصول إليه وترجمته إلى صعيد الواقع.

وتحية لمنتدى الفكر العربي على هذه المبادرة الوطنية القيمة  التي تحتفي بالفكر وتسهم بشكل علمي منهجي في تعميق الحوار حول قضايا الوطن ، وهي  في النهاية جزء لايتجزا من قضايا الأمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،