سموه يزور "الغد" ويتجول في أقسام الصحيفة ويطلع على مراحل العمل فيها عمّان-الغد - أكد سمو الأمير الحسن بن طلال أن مرور عشرين عاما على سقوط جدار برلين، لم يجعل العالم خاليا من الجدران، بل على العكس تماما، فقط سقط واحد لتنهض جدران كثيرة تفصل بين الشعوب.

سموه يزور "الغد" ويتجول في أقسام الصحيفة ويطلع على مراحل العمل فيها

عمّان-الغد - أكد سمو الأمير الحسن بن طلال أن مرور عشرين عاما على سقوط جدار برلين، لم يجعل العالم خاليا من الجدران، بل على العكس تماما، فقط سقط واحد لتنهض جدران كثيرة تفصل بين الشعوب.

وقال سموه، خلال زيارة قام بها إلى "الغد" أمس، إنَّ المشكل الأساسي الذي يواجهنا، هو كيفية الحديث النقدي التحليلي الذي يصلُ إلى الفضاء الثالث؛ وهو المشاركة الشخصية، لافتا إلى أن المهم هو أن "يمارس الفرد الدور الإنساني.. أن يشارك من أجل العطاء الفكري الذي يخدمُ الصالح العام".

وأوضح سموه خلال حوار مع الغد سينشر لاحقا أن "قضية الصالح العام، مع الأسف، أصبحت مهمشة في كثير من برامجنا القطرية". وقال "عند الحديث عن المياه والطاقة، فإننا نتحدث عن قضايا فوق قطرية تعني الجميع؛ فالمياه والطاقة أصبحت الآن سلعة تباع وتشترى في إطار منظمة التجارة الدولية".

وأكد سموه عدم إيمانه بـ"الاستثمار من أجل الاستثمار، ولا بمقولة أنَّ عصر التخطيط انتهى"، رغم اعترافه بأن "التخطيط المركزي انتهى" في كثير من الدول، انصياعا لفلسفة التخاصية والخصخصة، ونظرية العولمة وفتح الأسواق، وما إلى ذلك، مشددا على أن "الاستثمار المفيد هو الاستثمار في رفع دخل الفرد والمجتمع المحلي".

وبين سموه أن التعليم ينبغي أن يكون من أجل المواطنة، وأن الاقتراب من المواطن هو اقتراب من الأولويات، لافتا إلى أن لكل فرد أولويات، مثلما لكل مجتمع أولوياته. ودعا إلى إصلاح النظام التعليمي، وإسناده بخطط ورؤى مستقبلية بحس الحاجات المجتمعية، منتقدا في الوقت نفسه "الزيادة الكمية" في تعداد الجامعات العربية، من دون أن تأخذ تلك الزيادة حاجات المجتمعات المحلية إلى التخصصات، لافتا إلى أن "الشهادة تعني الوجاهة الاجتماعية للأب، أكثر ما تعني الإنجاز للابن".

وأكد سموه أن الحروب كلفت المنطقة أكثر من 12 تريليون دولار، وهو رقم كان سيكفي لتحقيق نهضة كلية لأبناء المنطقة، إضافة إلى مضاعفة مستوى دخولهم لأكثر من مرة، داعيا إلى شراكة حقيقية بدلا من الحروب، وإعادة التفكير في القواعد الفلسفية للنظم الاجتماعية العالمية.

وانتقد سموه غياب التعبير المؤسسي لمنطقة الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي أطلق عليها لقب "الإقليم"، لافتا إلى عدم وجود صندوق للتضامن أو ميثاق اجتماعي، أو ميثاق للطاقة، متسائلا عن جدول أعمال القمة العربية المقبلة نهاية آذار (مارس) الحالي، وهل يتضمن محورا لبحث مثل هذه الموضوعات الفنية المهمة، مذكرا بالتقارير الاقتصادية التي قدمها أعضاء منتدى الفكر العربي للقمة الاقتصادية في الكويت، عندما تناولوا الاقتصاد الريعي، والاستثمار الاحتفالي.

وحذر سموه من أن الأمور إن استتبت على هذا المنوال، فإن الإقليم سيكون مقسما بين أربع دول قوية ومتنفذة، هي: الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل، تركيا وإيران. وأضاف "أما العرب، مع الأسف، لم يتعلموا أنَّ التوجَّه الإيجابي ليس كراهية الأعداء بالمطلق، ولكن التوقف عن كراهية الأخوة والأصدقاء".

وأكد أن ما يجمع العرب "ينبغي أن يكون على أسس أكثر من عرقية، وأكثر من طائفية". وأضاف "رأينا ما تصنع الطائفية والعرقية والإثنية من تفتيت وتمزيق في صفوفنا".

وأكد سموه أن "الاستعمار لم يصنع حقوق الإنسان". وطالب بـ"مناغمة النظم الاجتماعية والاقتصادية العالمية، مع المعايير الأخلاقية التأسيسية لكل الشرائع التي طالبت بحقوق الإنسان من حمورابي إلى اليوم"، من أجل أن تلتقي ثقافة المشرق بثقافة الغرب، لافتا إلى أن ثقافة الشرق والغرب هي جذور الثقافة الغربية.

وطالب سموه بـ"سرد تاريخي للموقف الفلسطيني يوازي السرد الإسرائيلي"، إضافة إلى الحاجة الماسّة إلى "سرد أردني يوازي كلا الخطين، ليعرف تماما القارئ العام أين كنا"، مستشهدا بمقولة الفيلسوف الدنماركي كيركيجارد "لا تستطيع أن تنظر إلى المستقبل من دون أن تعرف الماضي".

وقال سموه "إننا مع الأسف نواجهُ أزمة أنسنة العولمة، إن جاز التعبير، وأنسنة التمدن غير المنضبط". وأضاف "أخشى من أنْ تكون الفئات الهامشية والهشة من مجتمعنا أكثر هشاشة نتيجة لغياب الحس الإنساني".

وكان رئيس التحرير الزميل موسى برهومة، رحّب بسمو الأمير الحسن، مؤكدا أهمية الزيارة التي حظيت بها "الغد". وأضاف "نحنُ نتعاملُ معكَ أميرا ومفكرا، رفدْتَ الثقافة الإنسانية بكثير من الأفكار الخلاقة والمبدعة التي رسمَتْ لجيل الأردن والعالم العربي دربَ النظر لقضايا العالم بعيون مختلفة".