سموّ الأمير الحسن بن طلال في اجتماعه مع أعضاء لجنة المتابعة لندوة "تطوير التعاون الاقتصادي بين الأردن والعراق" يدعو إلى تأسيس بنك تنمية عربي إسلامي لتمويل المشروعات المشتركة وإلى معادلة جديدة لحل قضايا الطاقة والمياه

سموّ الأمير الحسن بن طلال في اجتماعه مع أعضاء لجنة المتابعة

لندوة "تطوير التعاون الاقتصادي بين الأردن والعراق" يدعو إلى

تأسيس بنك تنمية عربي إسلامي لتمويل المشروعات المشتركة

وإلى معادلة جديدة لحل قضايا الطاقة والمياه

 

  

عمّان- دعا سموّ الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه، إلى تناول قضايا الواقع الإقليمي التنموية بمزيد من التحليل الموضوعي، خاصة في ما يتعلق بمواضيع الطاقة والمياه، مؤكدًا الحاجة إلى البحث عن صيغ جديدة في التعامل مع هذه القضايا. كما أشار إلى دعوته لتأسيس بنك تنمية عربي إسلامي ضمن رؤية تنطلق من منظومة إصلاحية شاملة، ومعرفة مشتركة لتفعيل عمل هذا البنك في النهوض بتمويل المشروعات التنموية.

وقال في كلمة خاطب بها أعضاء لجنة المتابعة لندوة "تطوير التعاون الاقتصادي بين الأردن والعراق كنموذج للتكامل الاقتصادي العربي" في اجتماع مع سموه بمقر المنتدى، صباح الثلاثاء 5/6/2012: إننا ننطلق في هذه الدعوة من رؤية تكاملية عربية. وإن تباين توجهات الدول المنتجة للنفط في المنطقة نحو رفع سعر برميل النفط إلى (100) دولار من جانب البعض أو التوجه لأن يصبح السعر (60) دولارًا عند البعض الآخر، يُبقي السؤال قائمًا بشأن الاضطراب المتدرج نحو أزمة جديدة قادمة، مما يعني أن هناك قوة ضاغطة. وأضاف: إن الاقتصادات الدافعة للتغيير في المنطقة، مثل الاقتصاد التركي والإسرائيلي، تضيف بعدًا للمشكلة الأساسية في الإقليم، الأمر الذي يستدعي إيجاد معادلة ثالثة في هذه المسألة خارج علاقة النفط مقابل النفط.

وشدد سموه على ضرورة الالتفات إلى الأمن الاقتصادي والاجتماعي في إطار العلاقة العضوية بين الكرامة الإنسانية والتنمية المستدامة، موضحًا أن الأموال العائمة التي كان يمكن أن تُسهم في حل مشكلات المهجرين في المنطقة انتقلت إلى بر الأمان والعبث بالمشاريع الريعية، بدلاً من أن توظف لإقامة مرافق صحية واجتماعية لرعاية المنكوبين، وأصبحنا نشهد للأسف انتهازية أقوى من الأخلاق ومن العمل في خدمة الصالح العام.

كما أوضح أهمية التوصل إلى رؤية مشتركة بين الأطراف المعنية بالتنمية الإقليمية، مع التركيز على دور المجتمع المدني، بما فيه القطاع الخاص ودون استبعاد القطاع المعرفي والمهني، وتوفير البيانات المعرفية، إضافة إلى الدور السياسي ضمن بيئة وإرادة سياسية داعمة، وتحديد الأولويات، لا سيما في مجال تطوير البُنى التحتية من أجل بناء التكامل الاقتصادي المنشود، مع ضرورة تعرف توجهات الصناديق السيادية في المنطقة.

وحث سموه أعضاء لجنة المتابعة من الشخصيات الاقتصادية ورجال الأعمال الأردنيين والعراقيين وممثلي قطاعات الاستثمار والمال والمصارف والتجارة، وعدد من أعضاء منتدى الفكر العربي، على العمل من أجل إنجاز ملموس في أقرب وقت ممكن، لافتًا إلى المشكلات الاقتصادية المتشابهة التي يعاني منها الأردن والعراق، وداعيًا إلى التفكير في إنشاء بنك تنمية مشترك، وإلى التعاون في مجال السلم المائي، والتفكير بمشاريع لتطوير الصحراء الشرقية والمناطق الحدودية بين البلدين.

حضر الاجتماع وشارك في النقاش السفير العراقي في الأردن الدكتور جواد هادي عباس، الذي أشار إلى الاهتمام العراقي بتذليل العقبات أمام المستثمرين من خارج العراق وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، والتعاون مع المسؤولين في الأردن لمعالجة المسائل المتعلقة بالتجارة بين البلدين، مؤكدًا أهمية التخطيط والعمل المشترك بين البلدين لتطوير مختلف جوانب التعاون الاقتصادي وإقامة المشروعات المشتركة.

كما تحدث في الاجتماع الدكتور يوسف الشمالي، مدير السياسات والعلاقات الخارجية ومسؤول ملف العلاقات الاقتصادية الأردنية العراقية في وزارة الصناعة والتجارة بالأردن، الذي قدم عرضًا موجزًا لما تم من خطوات بين الجانبين في مجال التعاون الاقتصادي، ودراسة المشكلات التي تعترض هذا التعاون، مؤكدًا أن الخطوات المتخذة من حكومتي البلدين ساعدت على انخفاض حجم هذه المشكلات بنسبة تتراوح بين 60-70%. وأشار إلى الاهتمام بالمشروعات النفطية التي تشكِّل مصلحة مشتركة للطرفين.    

وكان أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور الصادق الفقيه قد استهل اللقاء بكلمة أكد فيها إيلاء الجانب الاقتصادي في العلاقات العربية العربية أهمية قصوى، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية المُقلقة التي تسود العالم. وقال: لا يمكننا أن نفكر بأي بلد عربي دون أن نفكر بالأبعاد الاقتصادية.

من جهته، بيَّن رئيس لجنة المتابعة الأستاذ الدكتور فايز خصاونة، مستشار سموّ الأمير الحسن بن طلال، أن ندوة "تطوير التعاون الاقتصادي بين الأردن والعراق كنموذج للتكامل الاقتصادي العربي"، التي عقدها المنتدى في 15/1/2012 بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني وبمشاركة من مسؤولين حكوميين في كلا البلدين، جاءت ليس فقط على خلفية العمل العربي المشترك، وإنما كانت ظروف الحراك والربيع العربي في المنطقة عاملاً إضافيًا للتفكير بمشروعات تنموية مشتركة من شأنها الإسهام في حلّ مشكلات البطالة واستقطاب رؤوس الأموال لخدمة التنمية المستدامة وطنيًا وإقليميًا. وأوضح أن الهدف من الندوة كان الخروج بمقترحات وتصورات عملية تساعد صانعي القرار في البلدين على مأسسة التعاون الاقتصادي بينهما ليكون نموذجًا يُحتذى في التكامل الاقتصادي العربي.

قدَّم مقرِّرا اللجنة الدكتور جواد العناني عن الجانب الأردني والأستاذ كمال القيسي عن الجانب العراقي، تقريرًا عن الآليات المقترحة لتفعيل التعاون الاقتصادي بين البلدين. وركَّز د. العناني في تقريره على ضرورة ربط القرار السياسي بالقرار المدني، ووجود لجنة تنسيق، وأعرب عن استعداد المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني، الذي يرأسه، للمساهمة في نقل الأفكار والمقترحات إلى الجهات الرسمية المختصة واللجان المشتركة بين الجانبين، مؤكدًا أهمية دعوة سمو الأمير الحسن إلى إنشاء بنك مشترك له أذرعه الاستثمارية والمالية التي تمكِّن من تمويل المشروعات الاستراتيجية، فضلاً عن تهيئة الأرضية لتعاون رجال الأعمال والمؤسسات المالية والمصرفية للنهوض بتلك المشروعات، والعمل على نقل العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستويات أعلى، خاصة مع توافر فرص في الوقت الحالي للسير في التعاون الاقتصادي بين البلدين نحو الأفضل استثماريًا في مجالات متعددة، منها التبادل التجاري، والاتصالات، وتسهيل النقد، والتسهيلات للصناعة، إضافة إلى تعزيز التبادل في مجال الطاقة.

وتناول أ. القيسي في تقريره أهمية بناء استراتيجية اعتماد اقتصادي مُتبادَل بين الأردن والعراق، وتوافر البيئة والإرادة السياسية الداعمة، والبحث عن صيغ جديدة للشراكة الأردنية العراقية، مع إصلاح السياسات المالية والمصرفية، واعتماد مبدأ الأكثر رعاية في اختيار المشروعات المشتركة لتوسيع الطاقة الاستيعابية وإيجاد فرص استثمار الأموال العائمة في البلدين، مع إعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص. كما أوضح أن استراتيجية التكامل الاقتصادي المقترحة ينبغي أن تعتمد على عناصر رئيسية منها مصفوفة أولويات تنعكس في خريطة استثمارية مشتركة، ومن ثم الانتقال في المستقبل من سياسة المصفوفات إلى السياسات التكاملية التي تؤمن الاستقرار والأمن للتعاون الإقليمي والدولي، وخلق البيئة الاستثمارية الملائمة بعد دراسة المعوقات وإيجاد الحلول لها بالتنسيق ما بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وأورد أ. القيسي مقترحات لآليات التنسيق عبر اجتماعات قطاعية مشتركة، وتشكيل فريق عمل أردني عراقي من المجتمع المدني لمساندة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص في مجال العلاقات الثنائية، تمهيدًا لإنشاء مجلس مشترك للتعاون الاقتصادي.

وقد جرى نقاش بين المشاركين في الاجتماع حول العديد من القضايا المتعلقة بجوانب التعاون الاقتصادي بين البلدين وسُبل تفعيلها بما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين وبناء نموذج للتكامل الاقتصادي العربي. واقتُرِح أن تُعتَمَد كلمة سمو الأمير الحسن التي وجهها للمشاركين منهجًا لعمل لجنة المتابعة في تقديم رؤيتها وطروحاتها وأفكارها إلى صانعي القرار في البلدين.