شرعيَّة الفكر:
سؤال التجديد في الفكر النهضوي العربي
الدكتور الصادق الفقيه*
في البدء:
عَرَضْتُّ على الحضور، في اجتماع عُقِدَ في مجلس الحسن، يوم الاثنين 29 يوليو 2024، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، وراعيه، بعض تصوراتنا للنهوض بأعمال المنتدى في المرحلة القادمة. ومن ضمن التفاصيل الكثيرة، تحدثت عن رغبتنا في لقاء يجمع روابط واتحادات الكتاب، في الأردن وجواره القريب، وهي فكرة تداولناها مع نخبة عربية عارفة إبان مشاركتنا معًا في فعاليات مؤتمر المركز الثقافي العربي الكردي، الذي انتظم يوم السبت 29 يونيو 2024، في قرية دجلة ببغداد، وكان تحت عنوان: “ملتقى الثقافتين العربية – الكردية”، وبرعاية وحضور كريمين من فخامة رئيس الجمهورية العراقية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، وبمشاركة واسعة من شخصيات سياسية وأكاديمية وأدبية عراقية وعربية وأجنبية. وسبقه بيوم واحد؛ الجمعة 28 يونيو، حضورنا الدورة الثانية لـ”نادي المثقفين العرب”، في بغداد، وأشرت في كلمتي إلى أهمية تجديد الفكر النهضوي العربي. ومن تجئ فكرة جلستنا الحوارية، يومي الأحد 18، والاثنين 19 أغسطس 2024، بمقر المنتدى في عمان، بعنوان: “نحو فكر عربي جديد”، لوضع خطة عمل طويلة المدى، تمكن المشاركين من رؤية “الصورة الأكبر” لإشكاليات الراهن من قضايانا، والنفاذ المتبصر للمستقبل. وهذه الرؤية لا تعني ببساطة تحديد المكان، الذي نُريد أن نكون فيه بعد عام من الآن؛ بل هي أيضًا محاولة جادة لتحديد الغايات، التي نُريد أن نُدرِكها في مشروعنا النهضوي القاصد لكمالاته.
وبعد استعراض كل ذلك، تساءل سمو الأمير الحسن عن “شرعية الفكر العربي”، وأهمية أن تُسهِم الإجابات في تعزيز وضوح الرؤية الفكرية، التي هي عملية معرفية بامتياز. إذ يقول السؤال، في تقديري الخاص، إننا كثيرًا ما نسعى لجمع المعلومات من خلال حواسنا، ونستخدم أدمغتنا لتحويل هذه المعلومات إلى فهم فكري، ولكننا قليلًا ما نهتم بفحص شرعية هذا الفكر، الذي نستنبطه من معادلات المنطق المعروفة. وكأني بالسؤال المطروح يستفسرنا بشكل أعمق أن نجعل من فهمنا للفكر أساس اختياراتنا للقضايا، التي نزمع النظر فيها، وحشد الرأي العربي حولها. والمؤكد أن خياراتنا، بهذه الرؤية، يمكن أن تؤدي إلى خطة عمل صائبة. لذلك، ولكي نكون فعالين في تحقيق أهدافنا، تتطلب النتائج المرجوة من خطة العمل فهمًا كاملًا ودقيقًا للواقع. ولذلك، فإن وضوح معالم خططنا بأكملها سيكون محدودًا جدًا إذا لم نشفع له بوضوح الرؤية الفكرية المشتركة مع غيرنا، والاعتقاد الراسخ بشرعية أفكارنا، وفهم صدقية حواسنا بدلًا من جودة إدراكنا الحسي لما هو معروض أمامنا من بضاعة غيرنا. وبهذا التساؤل الحارق، يمكننا تحسين قاعدة الوضوح لدينا من خلال استخدام الأدوات والتقنيات لتعزيز رؤيتنا للواقع، ويمكننا تفسير تصورنا لهذا الواقع كما هو، لإعطاء فهم أعمق لما يتم رؤيته. ويقتضي ذلك استثمار الوقت لجعل تصوراتنا الذكية أكثر ذكاء، بما يوفر ببساطة تصورات أكثر وضوحًا لبناء الخطة ووسيلة إنفاذها. وبهذا، تكون الرؤية الفكرية، أو “شرعية الفكرة” هي القدرة على تخيل النهاية، التي يجب توقعها ومتابعتها، والعملية الإجرائية، التي يجب اتباعها، وهي تجسد القدرة على تصور كيف يمكن، أو ينبغي أن تتطور الفكرة، أو المنتج، أو الخدمة المُراد تقديمها.
في المنهج:
يهدف هذا العرض إلى استكشاف الجوانب الأساسية المحيطة بـ”شرعية الفكر” في مستواه النهضوي العربي وتسليط الضوء عليها، لاستجلاء قيمتها الموضوعية لصالح وضع تصوراتنا وخططنا في منتدى الفكر العربي. ومن أجل تحقيق ذلك، سينصب التركيز المحوري على دراسة فاحصة لمفهوم تجديد الفكر، وبالتالي فتح الباب لفهم جوهر الفكر العربي المعاصر وعلاقاته المعقدة بالتقاليد. ومن الجدير بالذكر أن المناقشات المتعلقة بالتجديد قد تم تجاهلها للأسف في جميع مراحل تأريخ الفكر العربي في القرن العشرين بتناقضاته الواسعة. ومن ثم، فإن الغرض من هذا العرض هو تقديم منظور جديد للنهضة العربية والخوض في تحليل متعمق لمختلف العوامل والخيارات والإطار المفاهيمي، الذي يساهم في تطوير تقليد الفكر العربي الحديث. ومن خلال إلقاء الضوء على هذه الجوانب يمكن التوصل إلى فهم شامل لشرعية الفكر في فضائه النهضوي العربي. وهو فهم يدعو إلى قراءة النهضة العربية على أنها أصل دوافع الفكر العربي الحديث في الاستمرارية، وتداخلها في إشكالية المنهج والنموذج المعرفي العربي الإسلامي مع فلسفات ما قبل الحداثة، بقدر ما هي محاولة متعددة لمواجهة تحدي الحداثة والتغيير – في تعدديته، وطابعه الجديد جذريًا، وعدم التحديد؛ على نطاق عالمي. وبالتالي، فإن الاهتمام بتفاصيل وديناميات النهضة العربية المعقدة يثري بشكل حاسم مقاربات وسرديات أي تاريخ معرفي للفكر العربي الحديث.
وبهذا الفهم، فإننا نسعى لاستكشاف مختلف الموضوعات، التي تقع في قلب فكر النهضة العربية واهتماماتها ومشاريعها. ولا شك أن مسألة التجديد تحتل مكانًا مركزيًا نابعًا من إشكالية الحداثة في هذا الاتجاه الفكري. وفي الأسطر التالية، سوف نستكشف أربعة مكونات رئيسة؛ أولًا، تسليط الضوء على مأزق الفكر في سياق العالم العربي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. إذ إنه خلال هذه الفترة، تصارع المثقفون العرب مع الآثار التحويلية للحداثة والتحديات، التي فرضها ظهور البديل. وبدلًا من أن تكون النهضة العربية مجرد استمرارٍ لفلسفات ما قبل الحداثة، فقد مثلت استجابة متعددة الأوجه لهذه القوى العالمية. ومن خلال الخوض في تعقيدات وديناميات هذه الحركة المعقدة، نكتسب رؤى قيمة في التاريخ المعرفي للفكر العربي الحديث. ففي مجال الفكر النهضوي العربي، تبرز عدة مواضيع مركزية؛ أحد هذه الموضوعات هو مفهوم التجديد، الذي يحتل موقعًا محوريًا بسبب التعقيدات المتأصلة في الحداثة. وسنتعمق؛ ثانيًا، في مكونات رئيسة تسلط الضوء على المأزق، الذي يواجهه المفكرون العرب خلال هذه الحقبة التحولية.
فإذا كان المكون الأول يركز على مأزق الفكر في العالم العربي خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وكانت هذه الفترة بمثابة خلفية للخطاب الفكري المكثف حيث تصارع المثقفون العرب مع التحديات، التي تفرضها الحداثة وآثارها على مجتمعهم. ومن خلال استكشاف هذا السياق التاريخي، يمكن التوصل إلى فهم أوضح للنهضة العربية وأهميتها. ثم ندرس كيف أن الجهد الحديث للتجديد، مدفوعًا بمسألة الشرعية، أو عقل من، يطور علاقة إبداعية وانعكاسية ومعقدة مع التقاليد، ويحددها كمصدر لنقاط القوة، التي يمكن أن تؤخذ بها الأطراف، ونقاط الضعف، التي يمكن أن تساعد في تطبيق استراتيجيات الفصل والشفاء، وحتى الاستغراب. بينما خُصِّصَ الثاني لاستكشاف فكرة البدء، والتحقيق في الطبيعة والمفارقات والأرضية المفاهيمية لمثل هذه العلاقة مع التقاليد؛ الدينية والفلسفية والعلمية. أما المكون الثالث الموازي، فلا يفسر فقط “مفارقة البداية” في الفكر النهضوي العربي بعد استنفاد الإلهام الفكري لكبار العلماء وفلاسفة الماضي العربي، بل الانهيار والتناقضات داخل الحركة نفسها عندما تتعثر مشاريع التجديد هذه داخل التقاليد، ومن خلال عثرات البداية. وفي المكون الرابع والأخير، نقترح أن يخلق هذا الطرح مجموعات محلية جديدة، ويؤطر المراحل الحالية والمستقبلية للبحث والنقد العالميين لعصر النهضة كرد فعل على العنف السياسي والفلسفي والمؤسسي، وفوضى العنف الاستعماري والدولة.
تعريفات لازِمَة:
يعرف الفكر النهضوي العربي بشكل عام على أنه اتجاه فكري ظهر في شرق العالم العربي خلال القرن التاسع عشر. وعلى الرغم من إشكالية هذا التعريف، إلا أن هذه المحاولة للإشارة إلى نشاط فكري محدد في زمان ومكان محددين هي، التي تجعل مناقشاتنا لشرعية فكرة النهضة العربية متماسكة ومهمة. ومن أجل مكانتها في سلسلة المراوحة المضنية بين “الغرب إلى الشرق” وحدها، اكتسبت مناقشات النهضة العربية أهمية أخلاقية على مستوى القيم والسياسة الحالية. إن الفهم الأفضل لأعمال الفكر النهضوي العربي، كما هو الحال مع أي نشاط فكري من هذا القبيل، يوفر للمرء مجموعة من حريات التفسير الراديكالية هذه. والأهم من ذلك، خلال العقود الأخيرة من الأنشطة الواعية للعارضين العرب الكويتيين، طاهر الحكيم، ومحمد عفيفي، كان فكر النهضة العربية هو “التأكيد الأول والواثق إلى حد ما في العالم الناطق باللغة الإنجليزية على وجود تقليد فلسفي عربي [بالكامل تقريبا]”. وبالتوسع في ذلك، من المهم التعمق في الطبيعة متعددة الأوجه لفكر النهضة العربية. فهو لا يشمل الاتجاهات الفكرية فحسب، بل إنه بمثابة شهادة على تطور الأفكار وتطورها داخل العالم العربي الشرقي. لا يمكن تقويض دينامية وحيوية هذه الحركة الفكرية، التي كان ظهورها خلال القرن التاسع عشر بمثابة فترة تحول في تاريخ الثقافة والمجتمع العربي. وعلاوة على ذلك، تمتد أهمية وتأثير مناقشات النهضة العربية إلى ما هو أبعد من مجرد الاعتراف بنشاط فكري محدد.
لقد عززت هذه المناقشات الشعور بالوحدة والتماسك بين المثقفين العرب، مما مهد الطريق لإشراك الحوارات والتحليلات النقدية لمختلف جوانب المجتمع العربي. ومن خلال الانخراط الفعال في السياقات التاريخية والاجتماعية والسياسية للعالم العربي، رسخ فكر النهضة العربية نفسه كقوة لا يستهان بها. ولا يمكن المبالغة في الأهمية الأخلاقية لفكر النهضة العربية على مستوى القيم والسياسة الحالية. فقد وفرت بوصلة أخلاقية للأفراد والمجتمعات، مما دفعهم نحو مزيد من التفاهم والتسامح والتنوير. ويوفر تجديد وتفسير الفكر النهضوي العربي مجموعة واسعة من الحريات الراديكالية، مما يسمح بوجهات نظر وتفسيرات متنوعة تشكل المشهد الفكري اليوم. ولعبت أنشطة العارضين العرب البارزين اللذين أشرنا إليهما؛ مثل طاهر الحكيم ومحمد عفيفي، دورًا محوريًا في ترسيخ وتأكيد وجود التقاليد الفلسفية العربية. وقد نجحت مساعيهما، من خلال اللغة الإنجليزية، في نقل عمق وثراء التراث الفكري العربي إلى العالم الغربي. ومن خلال القيام بذلك، ساهموا في سد الفجوة الثقافية وتبديد المفاهيم الخاطئة حول المساهمات الفلسفية للعالم العربي. ويمثل الفكر النهضوي العربي فترة محورية في التاريخ الفكري للعالم العربي الشرقي. ولا يمكن التقليل من شأن تأثيره العميق، أخلاقيًا وفكريًا على حد سواء. ومن خلال التعرف على الأعمال المعقدة لهذه الحركة الفكرية واستكشافها، فإننا نفتح أنفسنا على عالم من التفسيرات المتنوعة والحريات الجذرية. ويقف فكر النهضة العربية كشهادة على التراث الدائم والتقاليد الفلسفية للعالم العربي، والتي تستحق التجديد والتقدير المستمرين.
وعلى أية حال، فإن الظاهرة الإيجابية الموجودة في فكر النهضة العربية ليست ذات أهمية تاريخية كبيرة فحسب، بل هي أيضًا، والأهم من ذلك أنها، رمزية وثورية سياسيًا. إنها، قبل كل شيء، تعبر عن رفض المفكرين، الذين تواثقوا مع فكر النهضة العربية، على رفض كل ما هو غربي خالص “حتى هجرة الملابس الغريبة – وفكرة استخدام مثال هذا القماش كوسيلة فكرية”. ومن الناحية الدينية، كان هذا يعني تخليص عقل المرء من “عقيدة الأيام الأخيرة، الخطاب المؤذي والحاضر دائمًا والمطمئن بلطف من خلال تحويل الدعوة إلى التجديف إلى ضرورة فلسفية محفزة عظيمة. وبشكل أكثر حرفية، أعلنت النهضة العربية العودة إلى “صورة مثالية غير أنانية” للبحث البشري. وعلاوة على ذلك، تميزت النهضة العربية أيضا برفضها استخدام الممارسات “المضللة”، أي توظيف “التورية [الوسائل البلاغية] لزرع الباطل”. وكانت النهضة العربية، المعروفة باسم النهضة، فترة تحول في التاريخ. تحمل الظاهرة، التي وصفها رائد الشيخ أهمية تاريخية هائلة وتأسر انتباه العلماء والمتحمسين على حد سواء. ومع ذلك، فإن أهميتها تمتد إلى ما هو أبعد من الماضي، لأنها تحمل رمزية سياسية عميقة لا ينبغي الاستخفاف بها. في الواقع، يمكن اعتباره محفوفًا بالمخاطر بسبب الأيديولوجية، التي تبناها مفكرو عصر النهضة العرب، الذين عارضوا بشدة فكرة الاعتماد على الأيديولوجيات الأجنبية كأدوات فكرية. ولم يقتصر هذا الرفض على العقيدة الدينية وحدها. وشمل تخليًا شاملًا عن المعتقدات المعاصرة، التي فرضت خطابًا منغمسًا في الذات وضارًا. وسعى مفكرو النهضة العربية إلى تحرير عقولهم من أغلال الحكمة التقليدية، وتجرأوا على تحدي ما لا جدال فيه واتجهوا نحو حتمية فلسفية تتحدى الحدود المجتمعية ببساطة جريئة. وعاد سعيهم إلى عصر الاستكشاف غير المتحيز وغير الأناني للحالة الإنسانية، والسعي لتحقيق صورة لا تشوبها شائبة للبحث الفكري. وعلاوة على ذلك، تميزت النهضة العربية برفضها الحازم للانخراط في ممارسات خادعة. واعتبر ممارسو هذه الحركة الفكرية أن نشر الأدوات الخطابية المتلاعبة، التي تهدف إلى زرع الأكاذيب، أمر خاطئ وغير مقبول. لقد آمنوا بقوة الحقيقة ورفضوا أي محاولة للخداع، أو التضليل من خلال ستار الكلام المقنع. وباختصار، لم تغري النهضة العربية المؤرخين بماضيها الآسر فحسب، بل امتلكت ثقلًا سياسيًا قادرًا على تشكيل الخطاب المعاصر. وهي تحمل عبء الخطر الإيديولوجي، وتتحدى المعايير والاتفاقيات المعمول بها. ومن خلال التخلص من الاعتماد على القماش الأجنبي، شرع مثقفو هذه الحركة في رحلة نبيلة لاستعادة النقاء الفكري. فقد امتنعوا عن نثر الباطل وتمسكوا بمبادئ التحقيق الحقيقي. تقف النهضة العربية كشهادة على قوة نكران الذات والسعي الدؤوب وراء الحقيقة، وحفر بصماتها إلى الأبد على سجلات التاريخ.
الإطار المفاهيمي:
في هذه الطرح، كما أسلفنا، نسعى بوعي إلى استكشاف سؤال التجديد العميق في سياق الفكر النهضوي العربي. من خلال الفحص الدقيق لموردين لا يقدران بثمن، نعتزم توضيح جوهر التجديد كعملية مستمرة، كما هو موضح صراحة في هذه المصادر الموثوقة. وهذان المصدران الاستثنائيان ليسا سوى الجدل الآسر بين المعتزلة والخوارج، الذي يدور حول الأهمية العميقة للقرآن وعلاقته الجوهرية بتنظيم الدولة الإسلامية، والخلاف الحاد، الذي نشأ بين الغزالي وعلماء الدين المثقفين البارزين فيما يتعلق بالتفاعل المعقد بين الدين والفلسفة. نحن هنا نتبنى بكل إخلاص هذا النهج المصاغ بدقة، لأنه يقدم بلا شك سردًا تاريخيًا لا يقدر بثمن يمكننا من خلاله بناء الإطار التأسيسي لهذه السردية الآسرة. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الطريقة شاملة بشكل فريد، حيث تلخص الجوانب الأساسية والمتطورة للفكر العربي، التي ازدهرت عبر التاريخ المجيد، منذ العصر المزدهر للأمويين. إن الشروع في استكشاف شامل للفكر العربي من خلال عدسة حركات المرونة والتجديد يسمح لنا بتجاوز المفاهيم الأساسية، التي قد تُضيِّق فهمًا واسعًا ودقيقًا لهذا التقليد الفكري الغني. في الواقع، الفكر العربي هو نسيج نابض بالحياة ينسج بسلاسة وجهات نظر متنوعة، ويولد تعايشًا متناغمًا وديناميكيًا، يدعمه خطاب جدلي عميق يتخلل جوهره.
لقد جرى تطوير التجديد ذاته بمزيد من التفصيل والبحث من خلال دراسة مختلف مؤرخي الفكر العربي والإسلامي. وبشكل عام، يستمد مفهوم التجديد من أمرين: مصطلح البعث ومفهوم التجديد. ففي تجديد مفهوم التفكير، سينتج نخبة المثقفين ويغرس التجدد في الدراسات الإسلامية، أو في نطاق الفلسفة، أو الفلسفة العربية. يمكن أن يسمى هذا التجديد التأملي، الذي يتم اختياره في بلادنا كجزء لا يتجزأ من المفكرين الأحرار “الجانبيين”، أو المفكرين الأحرار “الإسلاميين”، أو النهضة العربية. وهناك ثروة من المعرفة، التي يمكن اكتسابها من الخوض في كتابات علماء الإسلام، لأنها توفر كنزًا دفينًا من الأفكار حول هذه الظاهرة العميقة. وينبع هذا الاستكشاف من فكرتين متميزتين؛ التوحيد (وحدانية الله) والفتح (التوسع) من ناحية، والتفسير (التفكير) والتدبير (الإعداد) من ناحية أخرى. ومن الضروري الاعتراف بأن كلا هذين التقليدين يتماشى مع تقسيمنا المفاهيمي بين عالم السلطان “المهيمن” وعالم المثقفين، مما يعزز اتصالًا سلسًا بين هذه العوالم. ومع تبلور مفهوم التجديد، فإنه يعمل كمحفز لإنتاج مثقفين مفكرين، والذين بدورهم يدفعون جوهر التجدد في مجالات الفقه والفلسفة والنهضة العربية. ويمكن وصف هذا الشكل متعدد الأوجه من التجديد على نحو مناسب بأنه طريقة للتنشيط التأملي، وهي طريقة نتبناها بكل إخلاص كعنصر لا يتجزأ من المفكرين الأحرار “الجانبيين”، أو المفكرين الأحرار “الإسلاميين”، أو مفكري النهضة العربية، مما يمثل نسيجًا متشابكًا مع الأفكار المثيرة للتأمل، والنمو الفكري، والانبعاث الثقافي.
الخلفية والسياق:
تتمتع الحضارة العربية بقيمة تاريخية راسخة متجذرة في الموروثات الفكرية والعلمية والإنسانية العميقة. كما أن الصحوة العربية في القرن التاسع عشر هي بمثابة إحياء لهذه الحضارة العظيمة، وتظهر طموحًا صادقًا لإعادة الاتصال بتراثها المستنير، من أجل بناء مستقبل أكثر حداثةً وإشراقًا وابتكارًا. وتتوافق مُثُل النهضة العربية بشكل متناغم مع الأفكار المماثلة للنهضة في الدول الأخرى، مع التمسك بالجوهر العربي ووشائجه الترابطية المتنوعة بالقيم والمبادئ الدينية. وفي صلب الفكر النهضوي العربي، وكل أشكال النهضة، يكمن التوق إلى حياة كريمة، تشمل العدالة والحرية وسمو العقلانية. وقد مر مفهوم النهضة العربية بمراحل عديدة، تسعى كل منها تدريجيًا إلى تحقيق أنماطٍ أكثر عمقًا، وملموسة من التجديد والتقدم. ومنذ فترة طويلة، كلفت ثروة نظرية فلسفية من المؤسسات العربية بالتحقق من مدى وعمق هذا التراث، واستكشاف أبعاده المختلفة، وسبر تعقيداته. ومع تطور ظروف واتجاهات الدراسات والاهتمامات باستمرار، بدأ عدد لا يحصى من الأسئلة المضيئة في الظهور في أذهان الشباب الفضوليين: ما هو جوهر هذا التراث؟ من هم المساهمون البارزون في تطويره؟ لماذا يحمل مثل هذه الأهمية؟ وإذ ننطلق في رحلة فكرية لكشف تطور فكرة النهضة العربية ومفهومها وسياقاتها، نُدرك أنه يمكن فهمها كجزء لا يتجزأ من هذا المسعى العميق.
وعلى المستوى المفاهيمي، نُدرك الأهمية الكبيرة لهذه الفكرة الجديدة، مُستصحبين أنها تشمل ملفًا فكريًا مليئًا بالمواد الجديرة بالملاحظة والقوية والمؤثرة. وسواء كانت هذه المادة تجسد الجوهر الكامل لـ”التجديد” أم لا، فقد بدأت بلا شك خلال حقبة النهضة العربية الأولى، وكانت بمثابة انطلاقة فكرية ملحوظة استمرت في التطور والازدهار وأحيانًا التباعد من خلال تفاعلها مع نسيج الحياة المعاصرة المتطور باستمرار أثناء تحديث المجتمعات العربية. وعندما حدق أواخر القرن التاسع عشر في انعكاسه ونظر إلى العالم الغربي، أدرك وضعه المقارن “ما قبل الحداثة”. وأثار هذا الإدراك سلسلة من الاستكشافات القوية والتحقيقات العميقة، داخليًا وخارجيًا. ففي الجوهر، أثبتت العودة العربية إلى الذات، والتي يرمز إليها بالتحول نحو الغرب، أنها نتيجة حتمية لهذا الاستبطان الذاتي. وهكذا، أصبح الغرب العربي تتويجًا نهائيًا لهذه الرحلة التحويلية. ومن الآن فصاعدًا، لا تكمن الرسالة المركزية، التي تنقلها “النهضة العربية” في الخوض في الماضي فحسب، بل في الاستفادة من الأفكار المكتسبة من هذه القراءات الاستبطانية كمحفز تحويلي لمستقبل يظهر الابتكار والفعالية. ومن خلال الخوض في الماضي المعاد تنشيطه، نحن مستعدون لتقديم وشرح شكل أصلي تم تطويره بدقة من خلال شبكات متداخلة بشكل وثيق من الأفكار المترابطة، والتي بدورها تعمل بالصدفة كاختبار حاسم للتأكد من الكرامة والتفوق والأمل والعديد من الفرص اللازمة لمواجهة المستقبل بشجاعة، وبثقة لا تتزعزع.
مفهوم التجديد:
يقدم يعقوب ناصر، في تتويج مسيرته الاستثنائية، تحفة مثيرة للتفكير بعنوان “الأزمة الفكرية للعرب” (1998)، وهو عمل يتعمق في تعقيدات الفكر النهضوي العربي. في هذا العمل الأساس، لا يقدم ناصر عنصرًا واحدًا، بل عنصرين عميقين يتشابكان بشكل معقد مع مراحل فكر النهضة العربية: المفهوم العميق للتجديد والمفهوم المؤثر للتراجع. وفي هذا الخطاب الآسر، يوجه انتباهنا نحو استكشاف العنصر الأول، الذي قد يبدو للوهلة الأولى واضحًا بلا جدال، ولكنه يجبرنا لاحقًا على التعامل مع متاهة من المآزق النظرية والمنهجية والفلسفية متعددة الأوجه. ويبدو أن التجديد كان الجوهر المجمل لفكر النهضة العربية خلال حقبة تاريخية ممتدة. وهذه الأهمية الثقيلة للفكرة توحي بها المؤشرات والمظاهر التحويلية، التي نأمل أن نستدعي على التوالي. ولم يكتف التجديد باكتساب الأهمية الفكرية لأنه يهاجم المراحل المختلفة لهذا الفكر، كما أنها اكتسبت أهمية أخلاقية ونشطة كاملة، أي أنه شعار يتغير معناه من مرحلة الاستعجال إلى مرحلة الحل الوشيك، وصولًا إلى مرحلة التحليل الواسع في الخطاب السياسي والشعر الجماهيري لمثقف عربي. وفي الامتداد الزمني الشاسع والنسيج الفكري المعقد، لا تزال أهمية التجديد في فكر النهضة العربية قائمة، ويتردد صداها عبر العصور. ويمكن تمييز أهميتها الكبيرة من خلال مختلف التدابير والمظاهر الملموسة، التي نهدف إلى استحضارها بشكل منهجي. إنه يتجاوز مجرد القيمة الفكرية لأنه يتخلل كل مرحلة من مراحل هذه الأيديولوجية العميقة، وينمو إلى قوة جبارة من الاستقامة الأخلاقية والعمل المؤثر. إنها ليست مجرد عبارة بل صرخة حشد قوية، تتطور أهميتها من شعور بالإلحاح إلى حتمية وشيكة، وتبلغ ذروتها في نهاية المطاف في تحليل موسع لرمزيتها في الساحة السياسية وأبيات الشعر المثيرة للذكريات، التي تأسر قلوب المثقفين العرب.
بهذا الفهم، فإن التجديد ليس مجرد دلالة، أو صورة أشعة لخطاب فكري في أزمة عميقة، وأنها ليست مصفوفة تفسيرية لخطوات وآثار عمل “الفكر المثقف” في تدهور حاد، كما أنه ليس استثناء يسمح ويسهل الانتقال إلى الفكر التوجيهي المؤدي إلى استعادة الهوية الوطنية والعربية. وبالتالي، من الواضح أن وجوده، أو غيابه ليس سوى مقياس ومؤشر لـ”الوقت”. إنها دالة تختلف مع الوتيرة غير المتجانسة للمفهوم داخل النظام المترابط لـ”مجالات قوة” الاقتران. إنه يشبه الاحتمال المسموح به في هذا الأفق العقلي ومتلازمته. هذه القراءة المعقدة والمتنوعة تقوم بها قراءات فكرية وسوسيولوجية ونفسية وسياسية متنوعة وواسعة. وتتجاوز عملية التجديد مجرد الآثار والصور الشعاعية، وتمتد إلى أعماق الخطاب الفكري، الذي يتأرجح على حافة الأزمة. ونقول إنه يتجاوز كونه مجرد مصفوفة تفسيرية، يتعمق في الخطوات والآثار، التي خلفها عمل “الفكر المثقف”، الذي كان فخورًا ذات يوم، والذي يعاني الآن في حالة من الانحدار الحاد. ومع ذلك، فإن التجديد ليس مجرد استثناء، بل هو محفز لا غنى عنه يبشر بالانتقال نحو الفكر التوجيهي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى استعادة ليس فقط الهوية الوطنية، ولكن أيضًا العربية. وفي هذا السياق، يظهر التجديد كمقياس لا لبس فيه، ومؤشر للوقت نفسه. إن وجودها، أو غيابها بمثابة مقياس يكشف عن الإيقاع النابض للتقدم، أو الركود داخل المشهد الفكري. إنها وظيفة دينامية، تتكيف إلى الأبد مع الوتيرة غير المتجانسة للمفهوم لأنها تتشابك مع النظام المترابط لـ”مجالات القوة” للاقتران. وداخل المجال الواسع لأفق العقل، يصبح التجديد أقرب إلى الاحتمال المسموح به، متلازمة دائمة الحضور تتخلل جوهر الفكر. ومثل هذه القراءة المتعددة الأوجه للتجديد لا يمكن أن تقتصر على عدسة واحدة، بل إنها نسق منسوج بخيوط متشابكة من قراءات فكرية واجتماعية ونفسية وسياسية متنوعة. وتتلاقى هذه المنظورات المتنوعة لإلقاء الضوء على التعقيدات الكامنة في السعي وراء التجديد، كل منها يقدم لمحة فريدة عن قوته التحويلية. وبعد توسيعه الآن، يحتضن النص عمق واتساع أهمية التجديد، ويرسم صورة حية لتأثيره العميق على الخطاب الفكري، الذي يشكل مجتمعاتنا وهوياتنا.
شرف الاعتراف:
نعترف؛ ابتداءً، أن عبارة “شرعية الفكر” لها صدى خاص في الحالة العربية؛ عندما يتم وضعها جنبًا إلى جنب مع وجهات النظر السابقة حول التزام المثقفين بالتَغَيُّرَات المجتمعية. وقد كان الدفاع عن هذه الشرعية مصدر قلق ضمني في غالب الكتابات، التي تناولت التجربة الاستعمارية، ونلت حظ مراجعتها، لأنها جميعًا، بطرق مختلفة، تُعَبِّرُ عن عدم الرضا عن هيمنة الفرنسيين على المفكرين في المغرب الكبير وبعض بلاد الشام، أو البريطانيين في المشرق. وهكذا، وبشكل حقيقي ومباشر جدًا، كان النقاش حول التجديد الضروري للفكر انعكاسًا لشغف الكتاب، ومن بعدهم المؤرخين، بفهم العناصر، التي تشكل الإبداع والإنتاج الفكري العربي الخالص. ولجعلهم يحددون ويشرحون التقاء التأثيرات المختلفة، من التراث والفولكلور إلى التقاليد والمجتمع، على فعل الكتابة العربية. وبهذه الطرق، هناك استمرارية ملحوظة لذات السؤال بين االكتابات العربية الحديثة حول “شرعية الفكر”، وتلك الملاحظات المكتوبة بين أوائل ثلاثينيات القرن العشرين وبداية تسعينيات القرن العشرين. لذلك، من الضروري الخوض في محاورة التأثيرات الخارجية وما نتج عنها من تغيرات في التاريخ الفكري للمغرب والمشرق معًا، وبالرؤية النقدية، التي تثري القدرة على النضالات المتداخلة، إذا أردنا أن نفهم تمامًا عمق وتعقيد هذه القضية. ويجب أن ندرس بدقة الأسئلة المطروحة حول راهن الإبداع والهوية حول تاريخ بلد آخر؛ المُسْتَعْمِر، لأنه ما يزال يلعب دورًا خفيًا في تفكيك النسيج متعدد الأوجه للفكر العربي وتأثيره طويل الأمد على نسيج المجتمع. ونحن إذ نخوض هذه الرحلة الاستكشافية، سنجد بلا شك طبقات معقدة مختلفة منسوجة بشكل ناعمٍ في جوهر التراث الفكري العربي، وأحدثت فينا بعضُ غبشٍ في الرؤية. وبالتالي، يُمكننا تسليط المزيد من الضوء على خبايا أروقة العقل غير المستكشفة، ونَخلها وتنقيتها، ومن ثم تعزيز ولاء هذا العقل الثابت لعروبته حفاظًا على الأصالة في مواجهة التأثيرات الخارجية.
ونُقِرُّ؛ ثانيًا، أنه رغم أهمية ما أشرنا إليه من ضرورة محاورة التأثيرات في الكتابات المختلفة، إلا أنه من المستحيل مناقشة كل مقال على حدة، وإنما يجب أن نكون منتبهين للطرق، التي ينقل بها تجاورها في هذا الصدد مع وجهات نظر أخرى مختلفة. وللتمثيل، تصف بالوما دياز ماس لقاء ث. مونود وج. فينزفيل في مستعمرات الجزائر والسنغال بأنه لحظة حاسمة في تطور الاستشراق، بمعنى أن الاستنتاج، الذي توصل إليه فينزفيل؛ هو أن التكيف مع الثقافة الفرنسية هو هدف أي سياسة حديثة، يعكس التحدي، الذي تواجهه السلطات الحضرية مع الحكومة. ويمكن قراءة نص فينزفيل، بلغته المليئة بالكراهية والإقصائية المستخدمة لتعريف السكان الأصليين، على أنه دفاع عملي عن الوضع الراهن، وهذا النص هو، الذي يفصل الهيئة التشريعية، التي من خلالها تضفي المعرفة الشرعية على السياسة. ومن خلال تحليل متعمق للسياق التاريخي المحيط باللقاء بين ث. مونود وج. فينزويل في المستعمرات في الجزائر والسنغال، تكشف بالوما دياز ماس النقاب عن الأهمية الاستثنائية لهذا المنعطف الخاص في عالم الاستشراق المتطور باستمرار. ومن خلال الخوض في الفروق الدقيقة المعقدة ووجهات النظر متعددة الأوجه، التي قدمها هذان العالمان، يسلط دياز ماس الضوء على الآثار العميقة، التي تحملها استنتاجاتهم، لا سيما فيما يتعلق بالتحدي المحير، الذي واجه سلطات الحكم الحضرية؛ فيما يُمكن أن نُشير إليه بالتوازن الدقيق بين التمسك بالتقاليد واحتضان الحداثة. ويظهر نص فينزفيل، بخطابه المثير للجدل، ولغته الإقصائية المستخدمة لتحديد السكان الأصليين، كدفاع براغماتي، متجذر بقوة في الوضع الراهن.
وعلينا الانتباه أنه ضمن هذه القطعة الأدبية غير العادية لفينزفيل، يتم وضع الهيئة التشريعية، التي من خلالها تُرَسِّخُ المعرفة السياسة وتُبَرِّرُها بِدقة. فيما تعمل اللغة المليئة بالكراهية، التي نشرها كمحفز للتفكير العميق في ديناميات القوة، والتي تلعب داخل المجتمعات الاستعمارية، مما يكشف في النهاية عن التعقيدات المركبة الداعمة لعملية إضفاء الشرعية على السياسات. بينما نُبحر في الخطاب المقنع المقدم في هذا الطرح، يصبح من الواضح بشكل متزايد أن الخوض في الروايات المتشابكة لمونود وفينزويل يلقي ضوءًا جديدًا على النسيج المعقد، الذي يمثل تاريخ الاستشراق. ويعد لقائهما لحظة محورية ونقطة تحول تلخص التوتر المستمر بين التكيف الثقافي والحفاظ عليه. ومن خلال الكشف عن وجهات النظر المتباينة لهؤلاء العلماء البارزين، يدعونا دياز ماس إلى توسيع فهمنا للديناميات الفاعلة، التي تؤثر على المجتمعات وتشكلها، ويحثنا على التشكيك في الأسس، والتي تبنى عليها معرفتنا وسياساتنا. ففي جوهره، يعد هذا العرض المثير للتفكير بمثابة تذكير مهم بالآثار العميقة، التي يحملها كل مقال، ويحثنا على تبني نهج شامل عند فحص وتفسير النصوص التاريخية. ويضيء تجاور هذه الكتابات فسيفساء الأفكار، ويشجع على استكشاف شامل يتجاوز حدود المناهج التحليلية. ومن خلال القيام بذلك، نكتسب فهمًا أعمق للتيارات الخفية، التي شكلت العالم، الذي نعيش فيه، مما يلهمنا العزم والجرأة لإجراء تقييم نقدي لتطور الاستشراق وتأثيره الدائم على وعينا الجماعي.
نواصل…..
* الأمين العام لمنتدى الفكر العربي