مقالات الامير حسن
الغامدي

جاءت فكرة إنشاء جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية مع عقد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب في مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1972 ، حيث أصدر قراره رقم (71) بتكليف مدير عام المكتب العربي للشرطة الجنائية بإعداد دراسة عن إمكانية إقامة معهد على المستوى العربي لبحوث ودراسات الشرطة.

وعرضت الدراسة على المؤتمر الثاني لقادة الشرطة والأمن العرب الذي عقد في العاصمة عمّان عام 1974 ، واتخذ قراره رقم (4) متضمنا الموافقة على المشروع المقدم بإنشاء معهد عربي لبحوث ودراسات الشرطة ومرحبا برغبة المملكة العربية السعودية إقامة المعهد على أراضيها.

وفي المؤتمر السادس لقادة الشرطة والأمن العرب الذي عقد في دمشق عام 1978 ، صدر القرار رقم (4) متضمنا دعوة المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة للتشاور مع الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية ليتضمن التخطيط الخاص بالمعهد العربي للبحوث والدراسات الشرطية بالرياض قسماً خاصاً لإعداد المدرسين والمدربين.

وفي المؤتمر الثاني لوزراء الداخلية العرب ، الذي عقد في بغداد عام 1978 ، عرض أمين المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة اقتراحا بإيجاد مركز للبحوث على مستوى عال من التخصص للقيام بالدراسات والبحوث فاقترح وفد المملكة المشارك في المؤتمر ربط مركز البحوث المقترح بمشروع المعهد العربي لبحوث ودراسات الشرطة الذي تقوم المملكة بإنشائه على أن يكون ذلك توسيعا لأفق المعهد المذكور وجعله مركزا للبحوث والتدريب في ميادين الدفاع الاجتماعي ومكافحة الجريمة.

ووافق المؤتمر على اقتراح وفد المملكة وكلف أمانة المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة بوضع الأسس التنظيمية والعلمية لهذا المعهد في صورته الجديدة بالتعاون والتشاور مع الدولة المضيفة.

صبغة عربية متفردة

"الدستور" أجرت اللقاء التالي مع الاستاذ الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الامنية ، حيث قال ان الجامعة ذات صبغة عربية متفردة على المستوى العربي وبغطاء دولي تعمل وفق المعايير الدولية وبما يتواءم والخصوصية العربية ، فهي تعالج بالبحث العلمي والدراسة الموضوعية جميع قضايا الأمن في إطاره الشامل ، وتسهم في تطوير أجهزة الأمن العربية ، ورفع مستوى أداء منتسبيها وتأهيلهم علمياً وعملياً من خلال تنفيذ الاستراتيجيات العربية في مجال الأمن بمفهومه الشامل التي يقرها مجلس وزراء الداخلية العرب وما تتبناه الجامعة من برامج وخطط.

وأوضح أن ذلك يتم من خلال قطاعات الجامعة العلمية المتعدّدة ، المتمثلة في كلية الدراسات العليا ، وكلية العلوم الاستراتيجية ، وكلية علوم الأدلة الجنائية ، وكلية التدريب وكلية اللغات ومركز الدراسات والبحوث ومركز المعلومات وإدارة التعاون الدولي وإدارة العلاقات العامة والإعلام ، حيث تسعى متكاملة إلى تقديم برامج للدراسات العليا المتخصّصة في ميدان الأمن بمفهومه الشامل ، ودراسة المشكلات الإدارية والاجتماعية والجنائية في المجتمع العربي ، وإجراء البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية ونشرها ، وكذا تدريب العاملين في الأجهزة الأمنية العربية فنياً وإدارياً ، وإعداد المدربين المتخصّصين ، وتقديم الاستشارات المتخصّصة للأجهزة الأمنية والعدلية والاجتماعية على المستوى العربي ، وتطوير قُدرات الكفاءات العربية الفنية بالمختبرات الجنائية ، وتقديم برامج متخصّصة في مجالات اللغات الأجنبية ذات الصلة بعمل رجل الأمن العربي ، وكذا من خلال إثراء المكتبة الأمنية العربية المتخصصة بالأبحاث والدراسات ، حيث ان جهود الجامعة في هذا المجال بالذات محل إشادة وتقدير عربيا ودوليا حيث بلغت إصدارات الجامعة العلمية أكثر من (500) إصدار علمي محكم في جميع مجالات الأمن باللغات العربية والانجليزية والفرنسية أصبحت مراجع رئيسة للباحثين في مجال الأمن.

الظواهر الإجرامية المستحدثة

وأضاف الدكتور الغامدي في حديثه لـ"الدستور" ان الجامعة تستقطب لتحقيق أهدافها نخبة مختارة بعناية من الخبراء وذوي الكفاءة والاختصاص محلياً وعربياً وعالمياً وكذلك من خلال برامج التعاون الدولي مع المنظمات الدولية ذات العلاقات والجامعات العالمية.

وعن اسهامات الجامعة في التصدي لعدد من الظواهر الإجرامية المستحدثة قال ان الجامعة أولت الظواهر الإجرامية المستحدثة عناية خاصة نظراً لخطورتها وانعكاساتها على الأمن وانطلاقا من السعي الحثيث لمواكبة المستجدات في مجال تطور الجريمة التي تستغل التطورات التقنية المتسارعة وثورة الاتصالات لتطوير أساليبها ، حيث تعددت أشكال الجرائم لتشمل الجرائم التي تمس اقتصاديات الدول كجرائم غسل الأموال وتزوير البطاقات الائتمانية والجرائم الاحتيالية بواسطة شبكة الإنترنت وجرائم المعلوماتية والاتجار في البشر وجرائم تصنيع وتهريب المخدرات والتهديدات الإرهابية باستخدام أسلحة الدمار الشامل.

وبين الغامدي أن الجامعة تعد رائدة في هذا المجال وسباقة في التطرق لهذه النوعية من الجرائم حيث نظمت الجامعة سلسلة متنوعة من المناشط العلمية والتدريبية شملت الدورات والحلقات والندوات والمؤتمرات في مجالات مكافحة الجرائم الاقتصادية وجرائم الإرهاب وجرائم المعلوماتية ، مشيرا إلى ندوة علمية نفذتها الجامعة خلال شهر تشرين الاول الماضي في القاهرة موضوعها (استعمال الانترنت في تمويل الإرهاب وتجنيد الإرهابيين) وسيعقد ملتقى علمي خلال الربع الأول من العام الحالي حول دور الإنترنت في محاربة الإرهاب والتطرف وذلك بالتعاون مع الأمم المتحدة والمركز العالمي لمكافحة الإرهاب.

وقال ان الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية أشادت بدور الجامعة وإنجازاتها في مكافحة هذه النوعية من الجرائم ، لافتا الى ان من ابرز إنجازات الجامعة في هذا المجال جهودها في مكافحة الجرائم الإرهابية حيث نفذت الجامعة (270) دورة تدريبية وحلقة علمية و(23) ندوة علمية وأجرت (22) دراسة علمية و(47) إصداراً علمياً محكّماً وناقشت (70) رسالة ماجستير ودكتوراه ونظمت (90)محاضرة ثقافية شملت مختلف الدول العربية وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والنمسا والمانيا والتشيك وشاركت في (70) منشطاً علميا في مؤتمرات وندوات علمية عربياً ودولياً.

مشاريع أكاديمية لقطاع السيدات

وحول تبني الجامعة لمشاريع أكاديمية لقطاع السيدات في المجال الأمني ، قال رئيس الجامعة ان هذه المشاريع تأتي في إطار التطلع الدائم للارتقاء واستشراف المستقبل كون الجامعة بيت الخبرة الأمنية العربية والجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب.

وأضاف انه التزاماً بالجودة النوعية في التعليم وإدراكاً لعظم الدور الذي تؤديه المرأة في المجتمع ، اتجهت الجامعة لفتح المجال للمرأة بالالتحاق ببرامجها العلمية في عدد من التخصصات المناسبة سعياً نحو التوسع في ترسيخ مفهوم الأمن الشامل الذي تتبناه تنفيذاً للتوجيهات الكريمة من وزراء الداخلية العرب وبمتابعة دائمة من سمو الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للجامعة الذي يتكون من نخبة من أصحاب الخبرة العلمية والأمنية من الدول العربية.

وأكد أن قبول المتقدمات يأتي انطلاقاً من أن الجامعة تتبنى مفهوم الأمن الشامل الذي يدعو إلى بسط الأمن وهو المفهوم الذي يجعل دور مؤسسات المجتمع المدنية والأهلية لا يقل أهمية عن دور رجال الأمن بمختلف تخصصاتهم ويتسع ليشمل جميع مناحي الحياة كالأمن السياسي والأمن الفكري والأمن الاقتصادي والأمن الغذائي.. الخ ، ومن هنا تتضح أهمية إتاحة المجال للمرأة كي تلعب دوراً مهماً وحيوياً في منظومة الأمن الاجتماعي للتخصص في الدراسات الأمنية والاجتماعية خاصة أنها أصبحت تشكل جزءاً رئيساً في إحصائية القوى العاملة إضافة إلى دورها التربوي الذي يشكل اللبنة الأولى في تقويم سلوك المجتمع ، كما أن هناك العديد من مجالات العمل الأمني والاجتماعي التي تستدعي وتتطلب وجود متخصصات على قدر عالً من الكفاءة والتدريب ومنها على سبيل المثال الإشراف التربوي والاجتماعي في المؤسسات التعليمية والتأهيلية وفي مجالات التحقيق وعلوم الأدلة الجنائية".

وبين الغامدي أنه بدأت الدراسة في القسم النسوي لعام 1431هـ الموافق م2010 في كلية الدراسات العليا التي تعنى بتأصيل الفكر الأمني وتعميق صلته بحقول المعرفة الشرطية والشرعية والإدارية والاجتماعية انطلاقاً من مفهومها للتنمية الشاملة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة للأقطار العربية وللأمن الإنساني لمواطنيها حيث تم القبول في هذه المرحلة بقسم العلوم الإدارية الذي يمنح (الماجستير في العلوم الإدارية) ، وقسم العلوم الاجتماعية الذي يمنح الماجستير في العلوم الاجتماعية (الإصلاح والتأهيل ) و(الرعاية والصحة النفسية). كما تم القبول في كلية علوم الأدلة الجنائية لدرجة الماجستير في المختبرات الجنائية والدبلوم في المختبرات الجنائية في أقسام (الكيمياء الحيوية ، وقسم الأحياء الجنائية ، وقسم البصمة الوراثية ، وقسم السموم والمخدرات) ، على أن يتم التوسع في منح الدرجات العلمية في مساقات أخرى حسب احتياجات ومتطلبات الحاجة الأمنية العربية ، علماً بأن الجامعة سبق أن نظمت العديد من الدورات التدريبية لعدد من منتسبات الأجهزة الأمنية العربية.

الآفاق المستقبلية

وعن الافاق المستقبلية التي تتطلع إليها الجامعة في مجال التعليم العالي للتخصصات الأمنية والاستراتيجية على مستوى الوطن العربي ، قال الغامدي ان الجامعة تدرك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها إزاء تأهيل الكوادر الأمنية العربية تأهيلاً علمياً حديثاً باعتبار أن العلم والتدريب هما الركيزة الأساس في مكافحة الإجرام الذي تطورت أساليبه ووسائله ، وان الجامعة انطلاقاً من هذا المبدأ تسعى باستمرار لتطوير مناهجها بما يتناسب والتطور العلمي المتسارع في مجال العلوم المختلفة التي تعني بها ، وذلك باستحداث أقسام وتخصصات جديدة تمنح الدرجات العلمية كالدبلوم والماجستير والدكتوراه من خلال كلياتها المختلفة ، مشيرا إلى دبلوم الإعلام الأمني وهو تخصص تنفرد به الجامعة ، ودبلوم الجرائم الإلكترونية والأدلة الرقمية الذي يشتمل على جملة من المقررات من أهمها المدخل إلى الحاسب الآلي وأمن المعلومات ، أساليب الجريمة الإلكترونية وإجراءات مواجهتها ، والجرائم الإلكترونية والتحقيق في الجرائم الإلكترونية ، والدليل الجنائي الرقمي.

وقال "كما أنشأت الجامعة في ذات الإطار مركزاً للمعلومات يرتبط بشبكات المعلومات حول العالم بعد أن كان هذا المجال جزءًا من نشاط مركز الدراسات والبحوث وتم تزويده بالكوادر المؤهلة وأحدث ما وصلت إليه التقنية الحديثة في مجال الحاسبات الآلية ، وكذلك أنشأت كلية للغات تضم مجموعة من الأقسام تدرس فيها اللغات المختلفة ، وهناك دراسة لإنشاء عدد من الكليات الأخرى ولعلها ستتحدث عن نفسها عندما تصبح واقعاً معيشاً".

وبين أن الجامعة وفي إطار تطلعها الدائم للارتقاء واستشرافها للمستقبل تخطط للتوسع في منح الدرجات العلمية في مساقات أخرى حسب احتياجات ومتطلبات الحاجة الأمنية العربية. وتعد كلية العلوم الاستراتيجية أحدث الكليات المضافة للجامعة وهي تجسد بوضوح الخطوات التطويرية التي شهدتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وتشهدها ، مواكبة للمستجدات التقنية والمعرفية المتلاحقة في قضايا التخطيط الاستراتيجي ولدعم الأمن العربي بشموليته بفكر استراتيجي مستقبلي من خلال إعداد كفاءات علمية مؤهلة ومتخصصة ومستوعبة للنظريات الاستراتيجية ولهذا أنشئت كلية العلوم الاستراتيجية ، وتهدف الكلية إلى استيعاب نظريات وأساليب وطرائق الفكر الاستراتيجي المستقبلي وتوظيفه ونشره وتكوين جيل استراتيجي مؤهل من الباحثين والممارسين في مجال الاستراتيجية والمستقبليات ، والانفتاح على التخصصات المختلفة واستثمار التقنية ، وكذا توثيق العلاقات مع مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية العربية والدولية ، وتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة معها ، وتتكون الكلية من ثلاثة أقسام علمية: قسم الدراسات الاستراتيجية وقسم الأمن الإنساني ، وقسم الدراسات الإقليمية والدولية.

وأكد أن الجامعة جعلت الأخذ بكل المستجدات والتطورات الاجتماعية والعلمية والتقنية غاية تسعى إليها ، وأعطتها حيّزاً كبيراً من اهتمامها ، بل ذهبت وتذهب إلى أبعد من ذلك في استشراف تهديدات المستقبل وما قد يحدث فيه من تطورات ، وتُسارع في وضع الحلول الناجعة قبل الحدث المتوقّع ، ووفق سياسة علمية وخطط منهجية مدروسة لكل مناشطها ، سواء منها ما يتعلّق بالمناهج الدراسية للدراسات العليا أو بالدورات التدريبية والندوات والحلقات العلمية والمؤتمرات بكل أنواعها أو بإجراء البحوث والدراسات ، وما فتئت الجامعة تسخر كل مشاركاتها العلمية وعلاقاتها مع المنظمات الدولية والجامعات العالمية لخدمة هذه الأهداف.

مفهوم الأمن الشامل

وعن تبني الجامعة وفتحها المجال أمام غير المتخصصين مهنياً في المجالات الأمنية والقانونية للانضمام للدراسات العليا ، أوضح الدكتور الغامدي ان هذا القبول يأتي في إطار تبني الجامعة لمفهوم الأمن الشامل وأن تحقيق الأمن مسؤولية جميع مؤسسات المجتمع وأفراده وتجسيد لمقولة راعي الجامعة ورئيس مجلسها الأعلى بأن المواطن هو رجل الأمن الأول ، "ولذلك فإن فهمنا للأمن يتجاوز المفهوم التقليدي الذي ترسخ في الأذهان ، فالجامعة تسعى لتحقيق الأمن بمفهومه الشامل كما أسلفنا وهذا يعني أن نظام الدراسة فيها يختلف عن الكليات الأمنية العسكرية التي لا تقبل إلا منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية ، فكليات الجامعة يتاح الالتحاق بها للمنتسبين لأجهزة الأمن العربية والقضائية والاجتماعية والإعلامية والتربوية وجميع أجهزة العدالة الجنائية بمفهومها الشامل وكذلك لمن يرغب من خارج هذه الأجهزة بعد تحقق الشروط الأكاديمية المطلوبة كما في بقية الجامعات".

الدور التدريبي

وعن الدور التدريبي الذي تقدمه الجامعة لمختلف القطاعات ذات العلاقة على مستوى الوطن العربي وأثره في مواجهة تحديات الواقع المعيش عربياً ، قال الدكتور الغامدي ان الجامعة تتلمس الاحتياجات الأمنية العربية الآنية والمستقبلية وفق خطط واستراتيجيات تهدف لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع العربي ، وهي في جميع ما تنفذه من مناشط تضع هذا الهدف كغاية تسعى لتحقيقها ، وقد أثمرت جهود الجامعة في تحقيق كم مقدر من النجاحات في مجالات تخصصها حيث دربت الجامعة عشرات الآلاف من الكوادر الأمنية العربية على اختلاف تخصصاتهم وأسهمت بفاعلية في تطوير الأجهزة الأمنية العربية منذ إنشائها ، مشيرا الى أن مجلس وزراء الداخلية العرب عبر مراراً عن رضاه التام عن جهود الجامعة وإنجازاتها المتلاحقة عربياً ودولياً.

وعن علاقة الجامعة بمراكز البحث العلمي والجامعات خارج نطاق الوطن العربي ، قال الغامدي ان الوطن العربي جزء من العالم أجمع يؤثر ويتأثر بما يحيط به من الدول في شتى المجالات وبالأخص المجال الأمني الذي هو حجر الزاوية لنجاح خطط التنمية المختلفة لأي بلد ولذلك وبغية تدعيم أوجه وسبل التعاون العلمي والتقني بين الجامعة والمنظمات والهيئات العلمية الدولية والمؤسسات العربية في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة والمعاهد الإقليمية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية ، فقد حرصت الجامعة التي تمثل (22) دولة عربية على ألا يقتصر نشاطها على ساحة الوطن العربي ، وإنما امتد ليشمل الساحة الدولية.

وأضاف ان الجامعة اعتمدت كجهاز متعاون مع الأمم المتحدة في ميدان مكافحة الجريمة ، واختيرت من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة مرشداً مثالياً في مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ، ما أتاح ويتيح (للجامعة) فرصة تقديم الإسهام العربي المهم في ميدان العدالة الجنائية وتطبيق التشريع الجنائي الإسلامي في مكافحة الجريمة والوقاية منها.

وفي إطار ذلك التعاون فقد نظمت الجامعة ، وفق الغامدي ، العديد من المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الدولية داخل دولة المقر وخارجها. كما تشارك الجامعة بصفتها عضواً في المنظمات الدولية في جميع الاجتماعات السنوية للجمعية الدولية لعلم الإجرام ، والرابطة الدولية لقادة الشرطة ، والرابطة الدولية لتحقيق الشخصية ، والمعهد الدولي للعلوم الإدارية لقانون العقوبات ، والمنظمة الدولية للحماية المدنية ، والمجلس الأوروبي والمركز الدولي للوقاية من الجريمة ، والمجلس العالمي الاستشاري العلمي المهني ، وتشارك الجامعة أيضاً في العديد من الاجتماعات على المستوى الوزاري والخبرات الدولية ، وبلغ مجموع هذه المشاركات أكثر من (700) لقاء دولي ومنها حضور اجتماعات ومؤتمرات الأمم المتحدة واجتماعات خبراء الأمم المتحدة واجتماعات مهنية دولية ، كما أن الجامعة عضو في فريق الإنتربول الاستشاري وتعتبر مرجعية دولية في إطار التدريب خاصة في مجال إدارة الأزمات ، وذلك وفق المعايير الدولية التي تقرها الأمم المتحدة إضافة إلى توقيع العديد من الاتفاقيات العلمية ومذكرات التفاهم مع المؤسسات الأمنية والجامعات العالمية والمنظمات الدولية التي بلغت (129) مؤسسة أكاديمية وأمنية حول العالم تسهم في تعزيز استفادة الجامعة من الخبرات العالمية لتنفيذ برامجها وأهدافها.

العمل العربي المشترك

وأكد الغامدي أن العمل العربي المشترك خيار استراتيجي لوزراء الداخلية العرب ، مشيرا الى أن هذا ما يفسر نجاح وتميز مجلسهم الذي يعد أبرز وأنجح مشروعات العمل العربي المشترك لما للأمن من أهمية كونه أساس استقرار المجتمعات الذي باختلاله يختل البناء المجتمعي. ولفت الى أن الظروف التي يعيشها العالم حالياً في ظل العولمة وثورة الاتصالات وتطور شبكات الجريمة المنظمة والعابرة للحدود وجرائم الإرهاب والجرائم المستحدثة تحتم ضرروة العمل العربي المشترك والتنسيق بين الأجهزة الأمنية العربية كافتها لتحقيق الأمن بمفهومه الشامل ، ولذلك فإن السياسة الثابتة لوزراء الداخلية العرب قائمة على توطيد التعاون القائم بين الدول العربية في هذا المجال والارتقاء به نحو مزيد من التكامل والتنسيق التام ، مضيفا "لا شيء أدل على ذلك من النجاح المستمر للخطط والاستراتيجيات العربية التي تعالج الواقع المعيش وتستشرف المستقبل". وعبر الدكتور الغامدي عن اعتزازه بأن الجامعة أصبحت إحدى أميز المؤسسات العلمية الأمنية العربية سواء في مجال الدراسات العليا أو في مجال التدريب والبحوث ، مضيفا "ما زلنا نطمح إلى تحقيق المزيد والأفضل خدمة للأجهزة الأمنية والمواطن العربي".

ودعا الجهات المختصة محلياً وعربياً للاستفادة القصوى من برامج الجامعة وأن يستمر ويتطور التعاون القائم إضافة إلى وضع التوصيات التي تصدر عن المؤتمرات والندوات والبحوث التي تنفذها الجامعة موضع التطبيق حتى تتحقق الغايات المنشودة.

وفي ختام حديثه لـ"الدستور" ، تقدم الدكتور الغامدي بالشكر والثناء لحكومة خادم الحرمين الشريفين على "الدعم الذي حظيت به الجامعة منذ أن كانت فكرة حتى أضحت اليوم منارة علم عم خيرها الجميع إقليمياً ودولياً ، وتجسد هذا الدعم في الاستضافة الكريمة لمقر الجامعة وتكاليف إنشائها إضافة إلى الدعم السنوي السخي الذي مكن الجامعة من تحقيق هذه الإنجازات المشرفة". وأكد أن "هذه الرعاية الكريمة ستدفعنا لبذل المزيد من الجهود في سبيل تطوير التعليم الجامعي ، والارتقاء بهذه المؤسسة الفريدة التي تتبنى مفهوم الأمن الشامل وتسعى للارتقاء برجال الأمن العرب وتطوير المؤسسات الأمنية العربية على اختلاف تخصصاتها".

كما تقدم بالشكر لسمو الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للجامعة ، "وهو من أولى هذا الصرح العربي الذي هو غرسه وفكرته اهتمامه ورعايته وظل يقدم له الدعم المادي والمعنوي دونما كلل ، مستعيناً بعد الله تعالى بإخوانه وزراء الداخلية العرب الذين وقفوا جميعاً وراء ماحققته الجامعة من إنجازات".

وقال الغامدي "والشكر في ختام هذا اللقاء لصحيفة الدستور الرائدة على إتاحة الفرصة لإطلاع القارئ العربي من خلال صفحاتها على جهود جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية لتحقيق الأمن العربي والدولي".