لقاء حوراي في منتدى الفكر العربي

يناقش واقع البحث العلمي في الجامعات العربية

عمّان - ناقش أكاديميون واقع البحث العلمي في الجامعات العربية، والتحديات والصعوبات التي تقف في وجه تطويره، وقدموا عددًا من التصورات والتوجهات المستقبلية تجاه تطويره وتحسينه، وألقوا الضوء على عدد من التجارب الناجحة في هذا المجال لبعض الدول العربية.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها منتدى الفكر العربي بالتعاون مع جمعية الأكاديميّين الأردنيّين حول "البحث العلمي في الجامعات العربية: الواقع والتحديات والآفاق المستقبلية"، شارك فيها كل من الدكتور رامي عبد الرحيم، رئيس جامعة البتراء، والدكتورة حنان ملكاوي، نائب رئيس جامعة اليرموك الأسبق وعضو جمعية الأكاديميّين الأردنيّين، والدكتور وسيم هلسة، مدير صندوق دعم البحث العلمي والابتكار في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأدارها الدكتور أحمد بطاح نائب رئيس جمعية الأكاديميّين الأردنيّين ونائب رئيس جامعة مؤتة الأسبق.

أشار د.أحمد بطاح خلال إدارته للجلسة إلى أهمية البحث العلمي في المنطقة العربية، وضرورة التركيز على الرؤى والاستراتيجيات الكفيلة بتجاوز واقع البحث العلمي الحالي، لافتًا إلى ضرورة عدم إهمال ما يعرف البحث الأساسي والاكتفاء بالبحث التطبيقي، وأكد د.بطاح أن البحث العلمي هو المحرك الأساسي للنظام العالمي الجديد في ظل الأحداث المتسارعة والمتلاحقة، ويعد دافعًا هامًا في التنمية الاقتصادية بمفهومها الواسع، وأن المؤسسات التعليمية والأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي.

فيما تناول د.رامي عبد الرحيم أهداف البحث العلمي، مشيرًا إلى أنه يهدف بشكل أساسي إلى إيجاد العديد من الحلول للمشاكل والتحديات التي تعاني منها الإنسانية، ويعمل على تسريع الإنجازات في المجالات كافة، ويزيد من رفاهية البشر، وأكد ضرورة أن يكون البحث العلمي جزءًا أصيلًا من مهام أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، على الرغم من وجود تساؤلات حول مدى قيام الباحثين بهذا الدور على الوجه الأمثل.

 ولفت د.عبد الرحيم إلى أن الإنتاج العلمي في الجامعات يشهد زيادة تدريجية، إلا أن هذه الأبحاث لم تتجاوز حدود البحث الأكاديمي ولم تنتقل نتائجها إلى الصناعة بالشكل المطلوب، وهو ما يحول دون تحويل نتائج البحث إلى تطبيقات تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني، وتحدث عن أهمية تركيز الأبحاث على الأولويات الوطنية كمشاكل الطاقة والطاقة الشمسية، وتحلية المياه، والهيدروجين الأخضر، وردم الفجوة بين الاقتصاد ومخرجات البحث العلمي، وإيجاد إطار تشريعي ناظم للعلاقة بينهما.

وقدمت د.حنان ملكاوي عددًا من الحقائق حول واقع البحث العلمي في الجامعات العربية، موضحةً أن نسبة أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات تشكل حوالي 80% من القوى العاملة في مجالات البحث العلمي، وأن الجامعات العربية تعد مصدرًا رئيسيًا للاستثمار وتنمية الموارد البشرية أو ما يُعرف (بالثروة الفكرية)، وأن عدد الجامعات في الدول العربية يصل إلى 1546 جامعة، وبينت د.ملكاوي أنه تم إدراج 45 جامعة عربية ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم وفقًا لتصنيف التايمز لعام 2024.

واستعرضت د.ملكاوي في مستهل حديثها التجربة الأردنية كنموذج للإصلاحات في مجال البحث العلمي، موضحةً أن تشكيل لجنة عليا ولجان فرعية من قبل مجلس الأعيان ووزارة التعليم العالي ومؤسسة شومان عام 2024، يهدف إلى تحديث منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن، وأن اللجنة أصدرت وثيقة تمثل خارطة طريق نحو التحديث وتحقيق التنمية الشاملة في الأردن، مع التركيز على إعادة تصميم وهيكلة النظام البيئي للبحث العلمي، وتطوير التشريعات المتعلقة بهذا المجال. 

وأشارد.وسيم هلسة إلى أهم السمات الرئيسية للوضع الأكاديمي الحالي في المنطقة العربية، مبينًا أن ضعف البنية الأساسية للبحث النظري والتطبيقي، وانخفاض الإنفاق على البحث والتطوير، وهجرة العقول العربية، واعتماد أنشطة البحث والتطوير على التمويل الحكومي، تعد من أهم السمات التي تنبغي العمل على تجاوزها.

 وبين د.هلسة أن تحليل البيانات والمؤشرات المتوفرة بشأن تطوير البحث العلمي توضح أن الدول العربية بعمومها تفتقر إلى سياسة علمية وتكنولوجية ذات أهداف ووسائل محددة، وأنها لم تنشئ شبكات للمعلومات، وآليات للتنسيق بين المؤسسات ومراكز الأبحاث، وصناديق خاصة لتمويل البحث والتطوير، مشيرًا إلى الغاية الخامسة من الهدف التاسع للتنمية المستدامة، التي تبين صراحةً العمل على تعزيز البحث العلمي وتحسين القدرات التكنولوجية في القطاعات الصناعية في جميع البلدان، لما له أثر كبير في قطاعات الحياة كافة.

هذا ويذكر أنه جرى نقاش موسع بين المشاركين والحضور حول القضايا التي طرحت.